كيف جاء بالرضوان مبتدأ منكرا مخبرا عنه بأنه أكبر من كل ما وعدوا به فأيسر شيء من رضوانه أكبر الجنات وما فيها من المساكن الطيبة وما حوته ولهذا لما يتجلى لأوليائه في جنات عدن ويمنيهم أي شيء يريدون فيقولون ربنا وأي شيء نريد أفضل مما أعطيتنا فيقول تبارك وتعالى إن لكم عندي أفضل من ذلك أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا " بدائع التفسير 2/ 371
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[12 Oct 2005, 07:12 ص]ـ
كلام ابن القيم على آية التوبة سبقه ـ وبتفصيل أروع وأوضح ـ شيخه ابن تيمية في مجموع الفتاوى 10/ 723 ـ في معرض حديثه عن أحوال النية،وعلاقة الأفعال بها:
"ومنها ما يتولد عن فعل الإنسان: كالداعى إلى هدى أو إلى ضلالة،والسانُ سنة حسنة وسنة سيئة، كما ثبت فى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شىء ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه من غير أن ينقص أوزارهم شىء).
وثبت عنه فى الصحيحين أنه قال: (من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شىء).
فالداعى إلى الهدى وإلى الضلالة هو طالب مريد، كامل الطلب والإرادة لما دعا إليه، لكن قدرته بالدعاء والأمر وقدرة الفاعل بالإتباع والقبول،ولهذا قرن الله تعالى فى كتابه بين الأفعال المباشرة والمتولدة، فقال:
(ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة فى سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح أن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة و لايقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون.
فذكر فى الآية الأولى ما يحدث عن أفعالهم بغير قدرتهم المنفردة ـ وهو ما يصيبهم من العطش والجوع والتعب، وما يحصل للكفار بهم من الغيظ وما ينالونه من العدو ـ وقال: (كتب لهم به عمل صالح)، فأخبر أن هذه الأمور التى تحدث وتتولد من فعلهم،وفعل آخر منفصل عنهم يكتب لهم بها عمل صالح.
وذكر فى الآية الثانية نفس أعمالهم المباشرة التى باشروها بأنفسهم ـ،وهي الإنفاق،وقطع المسافة، فلهذا قال فيها: (إلا كتب لهم) فإن هذه نفسها عمل صالح.
وإرادتهم فى الموضعين جازمة على مطلوبهم ـ الذي هو أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هى العليا ـ فما حدث مع هذه الإرادة الجازمة من الأمور التي تعين فيها قدرتهم بعض الإعانة هى لهم عمل صالح ... الخ).
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[14 Oct 2005, 01:43 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى صحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد بيّن ربّنا سبحانه وتعالى نعمه على عباده ليلزمهم شكرها ..
ومن نعمه التي لا تحصى تهيئة الأرض على الوجه الذي فيه منفعة للناس والأحياء ..
ولقد وصف الله تعالى الأرض بأوصاف متعدّدة في كتابه الحكيم:
وصفها بأنها مهاد، وبأنها فراش، وبأنها ذلول، وبأنها مسطحة ..
فقد جعلها الله تعالى مهاداً، في قوله سبحانه: " أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا " (النبأ: 6). فهي كالمهد للطفل يسكن فيه لينام ويرتاح، أي جعلها ممهّدة ليست بالصلبة التي لا يستطيع الخلق حرثها، ولا المشي عليها إلا بصعوبة، وليست بالليّنة الرخوة التي لا ينتفعون بها، ولا يستقرّون فيها، ولكنها ممهّدة لهم على حسب مصالحهم وعلى حسب ما ينتفعون به.
وجعلها الله تعالى فراشاً، في قوله سبحانه: " الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ " (البقرة: 22). فهي كالفراش مسوّاة للأحياء إذا أرادوا الراحة عليها، وموطّأة يستقرّ الإنسان عليها استقراراً كاملاً، ليست نشزاً وليست مؤلمة عند النوم عليها.
وجعلها الله تعالى ذلولاً، في قوله سبحانه: " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " (الملك: 15). حيث استعير الذلول للأرض في تذليل الانتفاع بها مع صلابة خلقتها.
¥