تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أصبح اليوم مع كثرة الفتوحات الإسلامية ودخول أهالي البلاد المفتوحة في الإسلام وتفرق الصحابة في الأمصار وعدم استيعاب حقيقة الأحرف السبعة والهدفِ منها أصبح ذلك كله سبب فتنة، فكان لابد من تدخل سياسي من قائد الأمة وخليفة المسلمين لحسمها ودرئها فكان ما كان مما أشرنا إليه "

* قال لي قائل: كيف تخلى أصحاب هذه اللغات التي نزل عليها القرآن عن قراءاتهم وانضووا تحت إمرة ما كتبه عثمان رضي الله عنه؟

قلت: لابد عند الإجابة عن هذا التساؤل من أن نستحضر أمامنا إيمان القوم في هذه الأيام فقد كان إيمانا فوق الوصف كما تدل له مواقفهم في سبيل الإسلام والقرآن والرسول صلى الله عليه وسلم، فهم الذين ضحوا في سبيل ذلك كله كما حكى التاريخ بالغالي والرخيص، وضحوا بالنفس والأهل والولد والوطن وراحة البدن وغير ذلك مما نعرفه وما لا نعرفه، كل ذلك في سبيل الله فهل يستحيل على قوم هذه صفاتهم أن يطوعوا لسانهم وإن بشيء من المجاهدة على هيئة نطق تغاير ما ألفوه في عدة كلمات لا إخالها كثيرة؟

إنه لمن المجانبة للصواب تصورأن هذا الأمر مستحيل أو بالغ المشقة أو بعيد الشقة عليهم، وإن صدقنا أن هذا ممكن في أول الأمر فكيف نتصوره في آخره؟

وماذا نقول إذن فيمن لا ينطقون العربية أصلا ثم هم يجيدون حفظ القرآن الكريم فضلا عن إتقان تلاوته؟ وهذا أمر ملموس منا فأمامنا كثيرون من دول شرق آسيا نعجب حين نستمع لقراءتهم بالغة الدقة في الصحة، وحفظهم المتميز لكتاب الله العزيز وكذلك في دول أفريقيا وغيرها من بلاد العالم.

وقد دل واقعنا المعاصر على قدرات كثيرين منا قد أجادوا لغات غير لغاتهم إجادة تامة فكيف نتصور إذن صعوبة ما ذكرنا مع أن هذا التغيير هو في ضوء اللغة نفسها وهي اللغة العربية، وتدلنا الروايات الثابتة على أن من بين الصحابة من كان لديه الاستعداد على إجادة عدد من اللغات غير العربية كزيد بن ثابت الذي كان يجيد الفارسية وتعلم السريانية في أيام قليلة ([1] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=100043#_ftn1) ) بطلب من النبي صلى الله عليه وسلم.

ربما يكون من العسير إلى حد ما نطق بعض الكلمات بالإمالة عند من لم يعتد عليها أو بعدمها عند من اعتادها ويظهر هذا عندما نقارن لهجتنا – نحن المصريين أو أهل الجزيرة العربية - بلهجة أهل الشام خاصة اللبنانيين حيث يبدو من العسير حقا أن ينطق المصريون أو سكان الجزيرة بذات اللهجة اللبنانية مثلا، ولهذا لم تكن الإمالة وأشباهها مما هو راجع إلى هيئة النطق وليس إلى اختلاف الرسم مما ألغاه عثمان رضي الله عنه فهي وغيرها ثابتة في بعض القراءات المتواترة خاصة في رواية ورش عن نافع ونفس الشيء قله في التفخيم والترقيق خاصة في الراءات، والتسهيل وعدمه ونحو ذلك مما قلت إنه راجع إلى هيئة النطق بالكلمة لا تبديلها بأخرى وقد عرفنا أن ذلك كله باق في القراءات القرآنية – التي هي في نظري راجعة إلى الأحرف السبعة وليس إلى حرف قريش وحده - ولم يلغ في شيء والرسم العثماني قد احتمله.

*مما يدل على أن الأحرف السبعة سبع لغات وأن الباقي منها حرف واحد وما احتمله الرسم من الأحرف الأخرى هو أن كثيرا من اللهجات قد اندرست بعد توحيد الناس في القراءة على لغة قريش أفصح لغات العرب حتى صرنا لا نلمس عنعنة تميم، ولا عجرمية قيس، ولا كشكشة أسد، ولا ثلثلة نهراء، ولا كسكسة ربيعة، ولا إمالة أسد وقيس، ولا طمطمانية حمير.

من فوائد نزول القرآن على سبعة أحرف:

1 - التهوين والتيسير على الأمة والتوسعة عليها في قراءتها للقرآن الكريم0

2 - إثراء التفسير والأحكام الشرعية بتعدد الأحرف0

3 - إظهار كمال الإعجاز بغاية الإيجاز لأن كل حرف مع الآخر بمنزلة الآية مع الآية في دلالتها وفيما اشتملت عليه0

[1] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=100043#_ftnref1) - بدهي فهم تعلم سالم للسريانية في هذه الأيام القليلة على أنه مقصور على تعلم المصطلحات الدينية التي كان يستخدمها اليهود وليس المقصود تعلم السرياينة محادثة وحوارا فهذا لا يمكن أن يتفق في أيام قليلة

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير