تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يقوم بموازنة بين القراءات القرآنية الواردة على محل واحد.

- كما أنه يترجح لدي أن كتابة القرآن الكريم من لدن عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تكتب بالحرف القرشي دون غيره وذلك على المستوى الرسمي - أما على المستوى الفردي فلربما كان لأفراد الصحابة هيئات مختلفة في الكتابة تتسق وقبائلهم ولربما ساعدهم على ذلك أن لهم في الأحرف السبعة نصيبا كابن مسعود رضي الله عنه الذي يعرف عنه تبنيه للحرف الهذلي - وليس من دليل ينفي هذه الحقيقة التي أتصور كذلك أنها نفس الطريقة التي كتب بها القرآن في العهدين البكري والعثماني، لكن الظاهر أن عثمان رضي الله عنه قد أضاف إلى الرسم من الطرق ما يجعله مهيئا لاستيعاب عدد من الأحرف السبعة بطريقة مبتكرة غير مسبوقة كان عدم النقط والشكل من العوامل المساعدة على نجاحها بلا شك، وما فعله عثمان هو ما سوّغ نسبة ذلك الرسم إليه، ولو كان مجاريا لمثال سبقه في الرسم ما كان هناك مسوغ لهذه النسبة إذ لا خصوصية تميز رسمه عما سبقه، وقد وقع إجماع الصحابة رضي الله عنهم على هذا الرسم ومن هنا اكتسب قوته. يقول علي كرم الله وجهه – فيما صح عنه عند ابن أبي داود -: "لا تقولوا في عثمان إلا خيراً فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا قال: ما تقولون في هذه القراءة فقد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خير من قراءتك وهذا يكاد يكون كفراً قلنا: فما ترى؟ قال: أرى أن يجمع الناس على مصحف واحد فلا تكون فرقة ولا اختلاف قلنا: فنعم ما رأيت "

*و يجب أن يوضع في الحسبان أن الحديث عن الأحرف السبعة لم ينشأ إلا في العهد المدني كما تدل الروايات على ذلك ومعنى ذلك أن العهد المكي لم تكن تلاوة القرآن فيه إلا على حرف واحد وبدهي أنه حرف قريش ومن ثم فإن قارئا كعبد الله بن مسعود رضي الله عنه لابد من أنه كان يقرأ بذلك الحرف وهو بمكة حين جهر بتلاوة القرآن أمام القرشيين ولو أنه قرأ بطريقة مخالفة لما ألفوه وعرفوه لأنكروا عليه ذلك ولعل هذا ما قصده عثمان رضي الله عنه حين قال للرهط القرشين إبان جمع القرآن:"إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء فاكتبوه بلغة قريش فإنه نزل بلغتهم "

- وتشير الدلائل إلى أن التيسير بإنزال الأحرف السبعة كان خاصا بقبائل دخلت الإسلام في العهد المدني وثقل عليها النطق ببعض الكلمات أو ببعض هيئاتها فسمح لهم في إطار ما نزل بتلاوته بما يطوع له لسانهم لأنه كان فيهم "الغلام الصغير والمرأة العجوز والشيخ العاني"

- كما أتصور أن القراءات المشهورة حاليا ليست راجعة إلى حرف قريش وحده ولكن إلى الأحرف السبعة فلا يمكن أن تكون هذه الهيئات المتفاوتة في التلاوة والتي يحدث فيها تمايز كبير بين القراء السبعة أو العشرة لا يمكن أن تكون راجعة كلها إلى حرف واحد أو لهجة واحدة هي لهجة قريش فتصوَّر معي قراءة هذه الكلمات بالإمالة وبدونها "موسى، عيسى، الضحى، سجى، مجراها "وتصوَّر أيضا قراءة كلمة الصراط بالسين والصاد وبإشمام الصاد صوت الزاي في قراءة حمزة فهل يعقل أن تكون قريش نطقت بذلك كله؟

وقد بدا لي أيضا أن هذه القراءات ليست كل الأحرف السبعة بل هي جزء منها ساعد على بقائه موافقته لرسم المصحف بدليل ما ينقل كثيرا على أنه من قراءة أبي أو ابن مسعود أو علي أوغيرهم مما ليس ثابتا في مصاحفنا – وفيه صحيح السند كقراءة متتابعات عند ابن مسعود - فهذا راجع من وجهة نظري إلى ما ألغاه عثمان من الأحرف السبعة كتابةً.

وهذه التصورات جميعها جعلتني أكوِّن رأيا في الأحرف السبعة هو:

"أن الأحرف السبعة عدد من اللهجات العربية استعصى على أهلها التكيف مع لهجة قريش وهذا العدد غير محصور في سبع إذ المقصود التيسير والشريعة لا تفرق في قواعد التيسير بين القبائل، ويساعد على استيعاب هذا الرأي أن هذا اللفظ – سبعة – هو في العربية يفيد الكثرة لا حقيقة العدد، وليس مشروطا في الأحرف المتعددة الترادف في المعنى بل الظاهر أن قصد إثراء المعنى كان يمضي جنبا إلى جنب مع التيسير في النطق، وأن عبقرية عثمان رضي الله عنه قد تجسدت في كتابته القرآن بطريقة تستوعب عددا من هذه الأحرف السبعة بحيث يجتمع الناس على ما يستوعبه هذا الرسم ويكون ما عداه خارجا عن هذا المجمع عليه ولا يقرأ به ولا يتعلمه الصغار، لأن المسار قد تغير فما كان بالأمس مظهر تيسير

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير