تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بسم الله و بعد حمد الله، و الصلاة و السلام على رسول الله - نبدأ

يقول كاتب هذه السطور - عفا الله عنه، و عافاه في الداريْن -:

* أَقَرَّ الشيخ الألباني، رحمه الله - في ذلك الحوار المذكور في الاقتباس أعلاه، و المنسوب له؛ بالتسجيل الصوتي - بأصل مشروعية الاحتفال بالولد النبوي، و أن ((هذا الاحتفال المشروع كان موجوداً في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم) قال:

((لماذا لم يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحتفل بمولده؟! هذا سؤال وله جواب: هناك احتفال بالمولد النبوي مشروع ضد هذا الاحتفال غير المشروع , هذا الاحتفال المشروع كان موجوداً في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعكس غير المشروع،

مع بَون شاسع بين الاحتفالين: أول ذلك: أن الاحتفال المشروع عبادة متفق عليها بين المسلمين جميعاً.

ثانياً: أن الاحتفال المشروع يتكرر في كل أسبوع مرة واحتفالهم غير المشروع في السنة مرة.

هاتان فارقتان بين الاحتفالين: أن الأول عبادة ويتكرر في كل أسبوع بعكس الثاني غير المشروع فلا هو عبادة ولا يتكرر في كل أسبوع.

وأنا لا أقول كلاماً هكذا ما أنزل الله به من سلطان، وإنما أنقل لكم حديثاً من صحيح مسلم رحمه الله تعالى عن أبي قتادة الأنصاري قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: ما تقول في صوم يوم الإثنين؟ قال ((ذاك يومٌ وُلِدتُ فيه، وأُنزل القرآن عليَّ فيه.))

ما معنى هذا الكلام؟ كأنه يقول: كيف تسألني فيه والله قد أخرجني إلى الحياة فيه، وأنزل عليَّ الوحي فيه؟! أي ينبغي أن تصوموا يوم الاثنين شكراً لله تعالى على خلقه لي فيه وإنزاله الوحي عليَّ فيهِ.

وهذا على وزان صوم اليهود يوم عاشوراء، ولعلكم تعلمون أن صوم عاشوراء قبل فرض صيام شهر رمضان كان هو المفروض على المسلمين. وجاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء؛ فسألهم عن ذلك؛ فقالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى وقومه من فرعون وجنده فصمناه شكراً لله؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((نحن أحق بموسى منكم)) فصامه وأمر بصومه فصار فرضاً إلى أن نزل قوله تعالى: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه)).

فصار صوم عاشوراء سنة ونسخ الوجوب فيه. الشاهد من هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم شارك اليهود في صوم عاشوراء شكراً لله تعالى أن نجى موسى من فرعون؛ فنحن أيضاً فَتَح لنا باب الشكر بصيام يوم الاثنين لأنه اليوم الذي وُلد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم واليوم الذي أُوحي إليه فيه)). انتهى كلام الألباني هنا

* فالشيخ الألباني يرى - هنا - مشروعية الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف؛ بصيام ذلك اليوم؛ شكراً لله تعالى على خلقه له و مولده فيه _ و هذا ظاهرٌ، و بِنَّص كلامه.

* و هو عَيْن كلام الإمام الحافظ ابن حجر في بيان مشروعية عمل المولد و الاحتفال به؛ قال: (وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم، فقالوا هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى، فنحن نصومه شكرا لله تعالى. فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما مَنّ به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة. والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم). اهـ

[حكى الإمام السيوطي كلام الحافط ابن حجر هذا، في كتابه " الحاوي للفتاوي "، حسن المقصد في عمل المَوْلد]

- فالاتفاق بين القوْليْن على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي - في ذكرى يوم مولده الشريف - ظاهرٌ واضح

و الحافظ ابن حجر لا شك في تقدّمه على الشيخ الألباني، و تكفينا هنا موافقة الألباني له في هذا الأصل - مشروعية أصل الاحتفال بالمولد النبوي

- و الاختلاف بينهما في صورته، و ما يُعمل فيه؛ قال ابن حجر - عقب كلامه المذكور آنفا -:

(فهذا ما يتعلق بأصل عمله، وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة، وأما ما يتبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك فينبغي أن يقال: ما كان من ذلك مباحا بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم لا بأس بإلحاقه به، وما كان حراما أو مكروها فيمنع، وكذا ما كان خلاف الأولى). انتهى

- بينما يرى الألباني أن العمل المشروع في ذلك الاحتفال هو الصوم فحَسْب؛ مقتصراً على ظاهر النصّ، و تلك ظاهريةٌ مَحْضة

- بينما نظر الحافظ ابن حجر - رحمه الله - إلى عِلّة النَص و حِكمته، و هي شكر الله تعالى على هذه النعمة المُهداة؛ فرأى أنّ ((الشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة و الإطعام والتلاوة)).

* و مرجعُه - فيما أحسَب - الاختلاف بين طائفتيْن: طائفة الظاهرية المحضة، و غيرهم من بقية أهل السُّنة و الجماعة.

و ليس هذا قدحاً في أحد، و إنما بيانٌ لمرجع الخلاف

و الله أعلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير