ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[07 Mar 2010, 12:11 ص]ـ
سلام الله عليكم أخي الكريم
يومُ مولدِ النبي صلى الله عليه و سلم يومٌ مُعتَبَرٌ في الشرع؛ بدلالة الإشارة في قوله صلى الله عليه و سلم: " ذاك يومٌ وُلِدْتُ فيه ".
و هذا ما أقرَّه الشيخ الألباني؛ كما في الكلام المنسوب له في الشريط المذكور آنفا؛ قال: (هناك احتفال بالمولد النبوي مشروع ضد هذا الاحتفال غير المشروع , هذا الاحتفال المشروع كان موجوداً في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم)، و قال: (وهو الاحتفال في كل يوم اثنين وهو احتفال مشروع بأن تصومه مع ملاحظة السر في ذلك وهو أنك تصومه شكراً لله تعالى على أن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه). اهـ
فَشُكْر الله تعالى هو عِلَّة ذلك الصوم (الاحتفال المشروع). و لا خلاف في ذلك، و هو الغَرَض المقصود من ذلك التعليل النبوي لصومه.
* و ليس في الحديث تخصيص ذلك الشكر بالصوم، و إنما فيه تعليل ذلك الصوم بالشُكْر
و شُكْر الله تعالى ليس محصوراً في صوم التطوع وحده، بل يشمل القُرُبات المشروعة، فـ (الشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة)؛ كما قال الحافظ ابن حجر في كلامه في عمل المولد. و قد تقَدَّم
* و لنا سعةٌ في إقرار النبي صلى الله عليه و سلم تَصَرُّف كلا الفريقيْن مِن الصحابة يوم الأحزاب؛ أخرج البخاري بسنده (عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ: " لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ "، فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمْ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ نُصَلِّي لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ).
قال ابن حجر في " الفتح ": (في هذا الحديث من الفقه أنه لا يُعاب على من أخذ بظاهر حديث أو آية، ولا على من استنبط من النص معنى يخصصه، وفيه أن كل مختلفين في الفروع من المجتهدين مصيب). اهـ
و الله وليّ التوفيق
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[07 Mar 2010, 12:29 ص]ـ
هل صوم النبي عليه الصلاة والسلام كان في يوم 12 ربيع الأول الذي يأتي مرة الإثنين وست مرات غير الإثنين؟ أم أنه كان يصوم الإثنين وإن لم يكن الموافق لليوم من السنة التي ولد فيها؟
أخي د ابو بكر كلام الألباني واضح.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[07 Mar 2010, 10:30 ص]ـ
انتقلتَ من مسألة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه و سلم - بما فيه معنى الشكر لله تعالى على نعمته هذه المهداة، مِن أنواع القُرُبات التي ذكرها الحافظ بن حجر - إلى مسألة تحديد يوم الاحتفال، و هذه مسألة فرعية، متفرعة عن مشروعية أصل ذلك الاحتفال، الذي أَقَرَّه الألباني آنفا (أي: أصل الاحتفال بمولده الشريف، الذي صرَّح بمشروعيته)
و هذا حَسَنٌ، و لا بأس به
* و بشأن سؤالك المذكور، يُجاب عنه بالآتي: مَن نظرَ في الاحتفال بيوم المَولد إلى مَوْضعه بالنسبة إلى أيام الأسبوع؛ قال بالاحتفال به في يوم الإثنيْن من شهر ربيعٍ الأول
و مَن نظَرَ إلى مَوْضع يوم مَولده - صلى الله عليه و سلم - بالنسبة إلى أيام الشهر؛ قال بالاحتفال به في يوم الثاني عشر مِنه،
و هو نظير ما أَقَرّهُ النبي صلى الله عليه و سلم، و فَعَلَهُ في الاحتفاء بيوم عاشوراء - شكراً لله تعالى على نجاة موسى عليه السلام و قومِه مِن فرعون - و كان ذلك في " عاشوراء " (أي: اليوم العاشر من شهر المحرّم)، و هذا يومٌ واحدٌ في السَّنة؛ كما لايخفى
فالاحتفاء بيوم الثاني عشر من ربيعٍ الأول نظيرُ هذا.
* * *
الشيخ الألباني: ... أنقل لكم حديثاً من صحيح مسلم رحمه الله تعالى عن أبي قتادة الأنصاري قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: ما تقول في صوم يوم الإثنين؟ قال ((ذاك يومٌ وُلِدتُ فيه، وأُنزل القرآن عليَّ فيه.)) ما معنى هذا الكلام؟ كأنه يقول: كيف تسألني فيه والله قد أخرجني إلى الحياة فيه، وأنزل عليَّ الوحي فيه؟! أي ينبغي أن تصوموا يوم الاثنين شكراً لله تعالى على خلقه لي فيه وإنزاله الوحي عليَّ فيهِ. وهذا على وزان صوم اليهود يوم عاشوراء، ولعلكم تعلمون أن صوم عاشوراء قبل فرض صيام شهر رمضان كان هو المفروض على المسلمين. وجاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء؛ فسألهم عن ذلك؛ فقالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى وقومه من فرعون وجنده فصمناه شكراً لله؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((نحن أحق بموسى منكم)) فصامه وأمر بصومه فصار فرضاً إلى أن نزل قوله تعالى: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه)). فصار صوم عاشوراء سنة ونسخ الوجوب فيه. الشاهد من هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم شارك اليهود في صوم عاشوراء شكراً لله تعالى أن نجى موسى من فرعون؛ فنحن أيضاً فَتَح لنا باب الشكر بصيام يوم الاثنين لأنه اليوم الذي وُلد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمدٍ و على آله و صحبه تسليماً كثيرا
¥