تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الجمعة 1 تشرين الثاني 1974م = 16 شوال 1394هـ

لا أزال أتحرك ببطء ظاهر , كأني أحاول أن أنقل نفسي إلى القاهرة نقلة كاملة بعد أن انتقل الجسد منذ أيام , إذ لا تزال النفس معلقة بذكريات وآمال ليس من اليسير نسيانها بهذه السرعة , فلم أزل أعيش مع بقيتها كأني في حلم , والذي يضاعف من ذلك التثاقل أن أمور الدراسة تبدو غير واضحة إلى الآن , فجهودي وأملي في تسجيل أحد الموضوعين اللذين بعثتهما من العراق لم يحظيا بالموافقة أو القبول، والموضوع المقترح لم ينزل في نفسي إلى الآن منزلاً يدفعني إلى العمل وكذلك لم يتم تسجيله أيضاً , فكأن ذلك التثاقل هو انتظار لما ستتمخض عنه الأمور، وما سيتم بشأن ذلك، كما أنه استجماع للهمة ولَمٌّ لشتات النفس لمواجهة الواقع، وليس الواقع بالنسبة لي الآن إلا الدراسة , ولكن هل يعني أن تفرغي للدراسة يمنعني من التفكير في أمور أخرى هي كالدراسة، لم أزل أعاني منها معاناة يومية دائمة، ولم يزل يصيبني رذاذ تلك الأمور، وإن نأيت ببدني بعيداً عنها، والحقيقة المرة أني لا أفكر بوضوح أو لا أخطو بوضوح، فلا أزال مشغولاً بالأمور الدنيوية منذ أن عقلت إلى الآن حيث تشغلني مسألة الدراسة شغلاً يكاد يحجبني عن التفكير في ما وراء ذلك من أمور وحقائق أكبر قد تكون هي الأولى بالتفكير والتضحية بالوقت والجهد.

تسجيل الموضوع

الاثنين 4 تشرين الثاني 1974م = 19 شوال 1394هـ

أسبوع كامل مضى على وصولي إلى مصر، وقد اتضحت الأمور الآن بالنسبة لي إلى حد ما , واتضح ما يجب أن أقوم به الآن، فقد تم تسجيل الموضوع الذي اقترحه الدكتور عبد الصبور شاهين وهو"الرَّسْمُ الْمُصْحَفِيُّ: دراسة لغوية تاريخية " وعليَّ أن أواجه قدري في بحث هذا الموضوع الذي لم تتضح لي بداياته بله الخواتيم، ومنذ أيام وأنا أذهب إلى المكتبة أحاول أن أُلِمَّ بالمصادر وأن أكتسب قاعدة علمية تؤهلني للبدء في البحث، ولكني كلما نظرت في كتاب ازداد وجلي وهلعي! وإن قلبي يزداد خفقاناً كلما وقفت أفكر في الموضوع وكيف يجب أن أبدأ فيه، فبالإضافة إلى عدم كفاية المراجع وعدم وضوحها تبدو على السطح مشكلات وأسئلة تمس العقيدة وترتبط بها، وإن الإنسان لا يكاد يمضي في ذلك دون حرج، على أن وجه الحق بَيِّنٌ , ولن تعرقل مثل تلك الشكوك بداية العمل، بل إن العمل سيزيلها إن شاء الله، إن مما يشجعني للمضي في هذا الموضوع هو أنه يدور حول القرآن الكريم، وأني أرجو من وراء هذه الدراسة أن يكتب الله لي بها حسنة إن أحسنت، وأن يتجاوز عني إن أخطأت، ولكن مع كل ما يمكن أن أتفاءل به فإن أمر المضي في هذا البحث يشوبه الشك، ولا أدري هل سأمضي إلى آخر الشوط، وهل سأكمل هذا البحث، وكم سيستغرق من الوقت والجهد، وأنا الحريص على إكمال بحث الماجستير بأقل جهد وأقرب وقت! ومن الله العون.

الصراع مع الأوهام

الثلاثاء 5 تشرين الثاني 1974م = 20 شوال 1394هـ

منذ أن واجهت موضوع (الرسم المصحفي) أخذت تنتابني ساعات تفكير شديدة , ولا شك في أن عوامل نفسية عميقة تلقي ظلالها على الموقف فيضطرب النظر الصائب إلى الأمور , كنت أفكر في مستقبل هذا الموضوع، ودائماً أفكر كم سيستغرق من الوقت، وهل سأصل إلى نتيجة في هذا البحث، أي هل يمكنني أن أكتب شيئاً يمكن أن يقدم للمناقشة؟ أفكار كثيرة تلح علي، وقد تهدأ برهة لتعود، وأنا طوال هذه الأيام منصرف إلى التعرف على مصادر البحث دون أن أكتب حرفاً واحداً إلى الآن، وقد تمخضت تلك الشكوك والأوهام عن فكرة هدامة ويزينها لي الضعف البشري، ألا وهي تغيير الموضوع، وبدأ الخيال هنا ينسج أطواقاً من ذهب، وبدأ الصراع في الداخل: إذا غَيَّرْتَ الموضوع ماذا ستختار؟ وهنا أمسك قلم الخيال لاختيار موضوعين أو ثلاث، وذهبت اليوم إلى مسجل الدراسات العليا واستفسرت عن عملية تغيير الموضوع فإذا هي قد تستغرق أشهراً , مما سيزيد الطين بلة، وظللت حائراً لا أدري لمن أبث هذه الأحزان، قلت لألتقي بالدكتور عبد الصبور شاهين المشرف على الموضوع لأبحث معه إمكانية تغيير الموضوع، وتجاوزت الساعة الثانية بعد الظهر، ولم يتحقق ذلك اللقاء، فخرجت من الكلية لأسيح في مكتبات القاهرة أبحث عن كتاب يمكن أن أستفيد منه، وقد أرهقتني تلك الرحلة فلم أعد إلى البيت حتى غروب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير