تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الحمد لله الذي هَيَّأَ لنا هذه النافذة للتواصل على تنائي البلدان، وإني أجد في بعض ما يكتبه الإخوة والأخوات من تعليقات أو انطباعات على ما يرد في اليوميات دافعاً للمضي في إكمال نشر الحلقات المتبقية منها، فلهم الشكر والعرفان بالجميل.

وأود هنا التعليق على ما ذكره الأخ الأستاذ أبو فهر السلفي، وفقه الله، في تعليقه على الحلقة الثامنة حول اختيار موضوعات بحوث طلبة الدراسات العليا، وله فيها وجهة نظر قد لا يوافقه البعض في جوانب منها، وهي قضية تستحق البحث والمناقشة، لأنها قضية متجددة يعاني منها المشتغلون بالبحث العلمي من طلبة الدراسات العليا ومن غيرهم.

والأصل أن يختار الباحث موضوع بحثه من خلال قراءاته وتفكيره، كما ذكر الأستاذ أبو فهر، ولكن ذلك قد لا يتأتى للمبتدئين في الدراسات العليا، خاصة طلبة مرحلة الماجستير، ومن ثم يضطر الطالب إلى الاستعانة بخبرة أساتذته في اختيار الموضوع، وليس في ذلك بأس إذا ما أقبل الطالب على البحث بجد ورغبة تُعَوِّضُهُ ما كان ينقصه من المعرفة بتفاصيله، وكثيراً ما يجد الباحثون من أساتذة الجامعات وغيرهم موضوعات تستحق الدراسة أو تتطلب البحث، لكن وقتهم أو ظروفهم لا تسعفهم في الكتابة فيها، فيكلفون طلبتهم بذلك.

أما موضوع بحث الدكتوراه فقد لا يُعْذَرُ الطالب في الاتكال على غيره في اختياره، لأنه بعد أن أنجز مرحلة الماجستير يكون قد اتضح له مساره العلمي، وتحدد تخصصه، وانفتحت له آفاق البحث فيه.

وتجربتي الشخصية في الدراسة والتدريس تؤيد ذلك، ففي الوقت الذي استسلمت فيه لاختيار أساتذتي موضوع بحثي للماجستير بعد التقدم بعدة موضوعات لم تحظ بالقبول، تبلورت فكرة موضوع أطروحتي للدكتوراه قبل تقدمي للدراسة بأمد، وهو (الدراسات الصوتية عند علماء التجويد)، وأعددت له العدة، وهيأت له ما أمكن من مصادر مخطوطة ومطبوعة، ولم أجد عناء كبيراً في إقناع أساتذتي بأهمية الموضوع وجدواه بعد قبولي في دراسة الدكتوراه.

وأجد من خلال تدريسي في الدراسات العليا أن طلبة الدكتوراه أقدر من طلبة الماجستير في اختيار موضوعات بحوثهم، ولكن الأمور تسير نحو التعقيد، فالطلبة في تزايد والموضوعات في تناقص، والسعيد مَن فتح الله عليه بموضوع لم يسبق إليه، فكثيراً ما يجد الطالب أن الموضوع الذي اختاره قد كُتِبَ فيه، ويبدأ البحث عن موضوع جديد بعد أن صرف كثيراً من الوقت والجهد، وكانت وسائل الاتصال المحدودة بين الجامعات والباحثين من البلدان المختلفة تسمح بتعدد الكتابة في الموضوع الواحد في أكثر من بلد، أما اليوم فإن وسائل الاتصال الحديثة تضع أمام الطالب ما كُتِبَ في الموضوع الذي يفكر فيه في لحظات، فيصده ذلك عن التفكير في الكتابة في موضوع مكرر.

وأحسب أن اختيار موضوع البحث لا يزال من التحديات التي تواجه الدارسين، وأن التقدم العلمي مرهون بالقدرة على الابتكار في اختيار الموضوعات في البحوث النظرية والتطبيقية على السواء.

وإلى لقاء في حلقة جديدة، إن شاء الله.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير