تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أن القاعدة في الأصول -على الصحيح-: [أن مفهوم المخالفة الظرفي ليس بحجة في إثبات الأحكام].

واستدل الجمهور رحمهم الله على التحريم بأدلة أخرى، منها:

1 - ما أخرجه ابن ماجه في سننه من حديث خزيمة بن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يستحيي من الحق، ثلاث مرات، لا تأتوا النساء في أدبارهن» وجه الاستدلال بالخبر:

من قوله: «لا تأتوا» فهذا نهي، والقاعدة في الأصول: [أن النهي المطلق للتحريم].

وأجيب:

بأن هذا الحديث ليس بثابت -مردود- في إسناده علتان:

أ-هرمي بن عبد الله الأنصاري مجهول، والقاعدة في الأصول: [أن جهالة الراوي تقتضي رد خبره].

ب-الحجاج بن أرطاة القاضي سيء الحفظ، والقاعدة في الأصول: [أن سوء حفظ الراوي يقتضي رد خبره]، ووصفه غير واحد من الأئمة بالتدليس "منهم أبو حاتم، وأبو زرعة" وقد عنعن، وبناء على ذلك فالحديث منقطع حكما، والقاعدة في الأصول: [أن الانقطاع في الخبر يقتضي رده]، إذا تقرر ذلك فلا دلالة فيه على التحريم، فالقاعدة في الأصول: [أن الدلالة فرع الثبوت]، وفي معناها القاعدة في الأصول: [أن الحديث الضعيف ليس بحجة في إثبات الأحكام].

ونوقش الجواب:

بأن هذا اللفظ ورد من طريق أخر رجاله ثقات وإسناده متصل كما عند النسائي في السنن الكبرى، قال الإمام النسائي رحمه الله: أخبرنا محمد بن منصور قال: حدثنا سفيان قال: حدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن».

إذا تقرر ذلك فهذا دليل صحيح سالم من المعارضة فيتعين المصير إليه.

2 - ما أخرجه الترمذي في السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر».

وجه الاستدلال بالخبر:

من قوله ?: «لا ينظر الله» فهذا وعيد على الفعل، والقاعدة في الأصول: [أن الوعيد على الفعل يقتضي تحريمه].

وأجيب:

بأن هذا الحديث ليس بثابت -مردود- في إسناده علتان:

أ-أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان الأزدي، قال عنه ابن معين: صدوق وليس بحجة، وهذا جرحٌ له من جهة ضبطه لا عدالته، والقاعدة في الأصول: [أن عدم ضبط الراوي يقتضي رد خبره].

ب-الضحاك بن عثمان القرشي، قال عنه أبو زرعة ليس بالقوي، وقال أبو حاتم لا يحتج به وهو صدوق، وهذا جرحٌ له من جهة ضبطه، والقاعدة في الأصول: [أن عدم ضبط الراوي يقتضي رد خبره].

ونوقش الجواب:

بأن أبا خالد الأحمر ثقة، وثقه ابن المديني والنسائي بل وابن معين في رواية، وما ذُكر عن ابن معين رحمه الله من جرح جاء غير مفسر، والقاعدة في الأصول: [إذا تعارض الجرح غير المفسر والتعديل قدم التعديل]، ومثله يقال في الضحاك بن عثمان فقد وثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو داود، وجرحُ أبي زرعة وأبي حاتم له جاء غيرَ مفسر، والقاعدة في الأصول: [إذا تعارض الجرح غير المفسر والتعديل قدم التعديل].

إذا تقرر ذلك فهذا دليل صحيح سالم من المعارضة فيتعين المصير إليه.

3 - استدل بعضهم بالإجماع حكاه غير واحد.

انظر حاشية ابن عابدين على البحر الرائق (3/ 106)، الإنصاف للمرداوي (8/ 348)، تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (1/ 179).

وأجيب عنه بجوابين:

أ- أن هذا من باب عدم العلم بالخلاف، والقاعدة في الأصول -على الصحيح-: [أن عدم العلم بالخلاف ليس بحجة في إثبات الأحكام].

ب-بأنه قد خالف جماعة من العلماء فقالوا بالجواز، على ما سوف يأتي بيانه إن شاء الله تعالى، والقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن الإجماع لا ينعقد بقول الأكثر].

وقد ذهب إلى جواز إتيان المرأة في دبرها الإمام مالك رحمه الله في رواية عنه نفاها بعض أصحابه، وفهم من كلامٍ للشافعي رحمه الله، وقد أنكر هذا الفهم أكثر أصحابه، وجوز بعضهم أن يكون مذهبا له في القديم، وهو مروي عن ابن عمر ونافع على خلاف في الرواية عنهما، وحكي عن زيد بن أسلم، ومحمد بن المنكدر، وابن أبي مليكة رحمهم الله تعالى، [انظر: الذخيرة للقرافي المالكي (4/ 416)، تكملة المجموع للمطيعي الشافعي (16/ 419)، المحلى لابن حزم (9/ 220)، الحاوي للماوردي (11/ 433)، البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (2/ 181)]، واستدلوا على ما ذهبوا إليه بأدلة، منها:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير