تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المعاملة الكريمة تذهب هباء كأن لم يكن شيء مذكوراً، وكل مرة تكشف الأيام عن جوهر تعبان مغطى بظاهر بشرى براق، كل مرة يخيب الظن ونفقد الأمل، نفقد الأمل في هذه الأمور الحقيرة، لكن لنا أملاً أكبر لن نفقد الثقة به أبداً، إن شاء الله. وعلى كل حال فقد أيدت الأيام زعماً كنا نسمعه أن الشاذ في طبقة الشغالات من لا تسرق، أي أن السرقة صفة غالبة عامة لا يخرج من ذلك إلا الواحدة أو العدد المحدود، وكانت عندنا شغالة لأشهر طويلة وكانت موضع ثقتنا، ما راعنا إلا تكشف الجريمة وكانت خيبة أمل كبيرة، وقلنا لقد صدق الزعم الذي سمعناه، وأفقنا من غفلتنا، ولكن جرت الأمور ومرت الأيام وراحت تلك وجاءت أخرى، وكنا هذه المرة أكثر حذراً، لكن يبدو أن الحذر يجب أن يكون دائماً من حيث لا يتوقع الإنسان الشر، ولم تمض إلا أيام حتى خُدِعْنَا بدماثة الحركة والمظهر، وزعمت أنها تريد أن تشتري لنا من حارتهم الشعبية رزاً وسكراً وزيتاً، وطلبت منا مزيداً من الفلوس لتملأ البيت بذلك، ومرت علينا اللعبة وانطلت وذهبت بالفلوس وبكل ذلك، وزادت فينا ألم المرارة وخيبة الأمل، وقلنا إننا سنواجه الأمر بحذر أكثر هذه المرة، وجاءت أخيراً أم سعيد، قد قاربت الخامسة والأربعين، وهي أم لرجال أو شباب يعملون، وزوجة لرجل كهل مقعد، ومضت الأيام، ونحن نحاول أن نحسن المعاملة لعلها تكون وقاء من الشرور، ومضى الآن ما يقرب من الشهرين على عملها، وكلما مر يوم تأكد ذلك الزعم المؤسف، مؤسف لأنه يدل على شيوع تلك الظاهرة، وليس حالة فردية، فقد أزعجنا يوماً أن رائحة كريهة أخذت تغرق البيت وتخنق الأنفاس، وحاولنا أن ننظف كل شيء، وأخيراً اقتنعنا أنها زالت، وقبل أيام تكررت نفس الحادثة، وازدادت الرائحة كانت تنبعث من المطبخ، وبعد بحث وجدنا كيس لحم صغير مخبأ تحت الثلاجة، وقد تُرِكَ حتى تعفن، وصارت رائحته كريهة، وكان كل شيء في تلك الأثناء من مستلزمات الأكل يتعرض للنقص، حتى تم لنا اليوم الوقوف عياناً على سرقة اللحم، فأم سعيد تسرق بغير حياء أكياس اللحم التي نحتفظ بها في الثلاجة، إذ إننا نشتري كل أسبوع مرة ما يكفي من اللحم، ونحفظه في أكياس النايلون مجمداً، وحاولت الإنكار ولكن الحقيقة كانت أكبر من أن تغطى ومع ذلك فإنها غادرت دون حياء، ونحن تحت وطأة الحاجة إلى شغالة واقعون، فما الحيلة!

صياغة خطة البحث

الاثنين 4 آب 1975م = 26 رجب 1395هـ

منذ بداية هذا الأسبوع حاولت أن أخطو خطوة جديدة في منهج العمل، فإني كنت قبل ذلك منصرفاً كلية إلى جمع المادة من الكتب، ولكني أخيراً وجدت نفسي قد استغرقت كثيراً من الوقت في ذلك ولم يبق علي إلا أن أبحث في بعض الكتب لجمع المادة التاريخية وبعض ما تبقى مما يتعلق بالبحث، كنت قبلاً أخرج صباحاً إلى إحدى المكتبات لأعود أعمل بعد الظهر في كتاب أستعيره من إحدى المكتبات أو كتاب أمتلكه، أما الآن فإني أخرج صباحاً إلى إحدى المكتبات أحاول أن أصل إلى نهاية مع المكتبات أو قريباً منها، وبعد الظهر بدأت بقراءة ما تجمع لدي من مادة محاولاً تصنيف البطاقات، وقد رسمت نهاية الأسبوع الماضي خيوط خطة جديدة على ضوء الرحلة بين الكتب، فقد جعلت البحث في بابين يتصدرهما فصل تمهيدي مهم يتصل بتاريخ الكتابة العربية قبل الرسم العثماني، وجعلت الباب الأول في جمع القرآن وكتابته وقراءاته، والباب الثاني في دراسة الرسم العثماني وبيان خصائصه وتتبع تطوره وعلاقة بالإملاء الحديث، لا شك في أن هذه الخطة تنتظر موافقة الأستاذ المشرف وتنتظر نظرات أخرى، المهم أني بدأت أصنف المادة، أحيانا اقرأ البطاقات بعناية كبيرة وأخرى أكتفي بعنوانها لأضع لها رقماً يشير إلى الفصل والمبحث، وآمل أن أنتهي من هذه العملية نهاية هذا الأسبوع، إن شاء الله.

مغادرة أم سعيد

السبت 16 آب 1975م = 8 شعبان 1395هـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير