بدأ الجابري يمارس النقد بعد أن أسس منهجه في النقد، وقد بدأ بنقد الأيديلوجيا المعاصرة (ملاحظة: الدكتور الفجاري يعبر عن الايديلوجيا بالفكرانية)، وذلك في كتابين هما: الخطاب العربي المعاصر: دراسة تحليلية نقدية، وإشكاليات الفكر العربي المعاصر.
- بعد هذه المرحلة نشأت ثلاثية نقد العقل العربي (تكوين العقل العربي، بنية العقل العربي، العقل السياسي العرب)
- يرى الجابري أن تكوين العقل العربي أثرت فيه عوامل داخلية وخارجية، فمن العوامل الداخلية:
1. المقولات الفكرية: مثل حكم مرتكب الكبيرة، والعلاقة بين الإيمان والعمل، فقد أسهمت مثل هذه المقولات في إيجاد بيئة بحث علمي.
2. الحركة التنويرية: ويقصد بهم القدرية، ويرى أنهم قاموا بالرد على فريقين: ايديلوجيا الجبر، وميثولوجيا الامامة (الشيعة)، ويعتبر أن هذه الحركة أنتجت نهضة وفكراً أوصلها إلى الدولة أيام المأمون.
3. ظهور التدوين.
وهناك عوامل خارجية، فمنها: حركة الترجمة، فالجابري يرى أنه لم يكن للعرب أن يكون لهم عقل لو لم يترجموا.
- بنية العقل العربي عند الجابري تنقسم إلى:
البنية البيانية: وتقوم على الاستدلال بالنصوص، لذا هي استدلالية، وهي أصيلة غير وافدة، ومن علومها البلاغة، والفقه.
نلاحظ أن الجابري لم يذكر القرآن الكريم عند ذكره للبنية البيانية.
البنية العرفانية: وهي بنية حدسية، والجابري يضع فيها التشيع والتصوف، ويرى أنها ليست بنية عربية أصيلة بل وافدة من الشرق القديم (الحرانية، والهرمسية)
البنية البرهانية: وتقوم على الاستقراء، وتتبع مقولات المنطق، ومصدرها يوناني، وهي التي اعتمد عليها الجابري في نقده للعقل العربي.
مظاهر نقد الجابري للعقل العربي:
1 - العقل البياني: ينتقد الجابري فيه قيامه على العاطفة، والانفعالات، ولذا يقول: إن العقل البياني يدغدغ مشاعر المتلقي بل إنه يحدث نوعا من التنويم المغناطيسي للمتلقي.
2 - العقل العرفاني: يرى الجابري أنه عقل مستقيل.
- يرى الجابري أن ابن رشد هو مثال العقل البرهاني وعليه فإنه سيعتمده في نقده للعقل العربي.
المحور الثاني: نقد نقد العقل العربي:
تعرضت محاولة الجابري لنقد العقل العربي لنقدها بأنواع من النقد:
1 - النقد الساقط (أو الساخط): وهو نقد فكرانية الفكرانية بتعبير الدكتور الفجاري (أي أيديلوجية الأيديلوجيا) [ومن المصائب أن أحتاج أن أفسر العربي بغيره!]
وهو نقد جورج طرابيشي، ونقده ردة فعل للجابري، حيث رأى الجابري أن المغرب مصدر العقلانية، فأجابه طرابيشي من المنطلق المشارقي
2 - النقد الصامت: وهو نقد طه عبد الرحمن في كتابه تجديد المنهج في نقد التراث، وهو بدلا من أن ينقد الجابري قدم مشروعا مماثلاً.
وخلاصة نقده لمشروع الجابري أنه يراه مشروعا تجزيئياً بينما يرى طه عبد الرحمن أن القراءة التكاملية للعقل العربي هي القراءة السليمة فيوجد البرهان حيث يوجد البيان حيث يوجد العرفان، وهكذا.
3 - نقد التاريخية الاسلامية: وهو مشروع يتبناه الدكتور الفجاري نفسه، ويعني شيئين:
أولاً: القرآن الكريم ينهى عن التأويل، كما في آية آل عمران (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)، وكما في آية سورة البقرة (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)
¥