تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[فجر الأمة]ــــــــ[24 Apr 2010, 09:18 م]ـ

الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: هنا ذكرتم من الشروط أن يكون المستنبط يعرف التفسير الصحيح للآية , الأمر الآخر صحة الاعتقاد وذكرتم لهذا فرعين: سلامة القصد وأيضا أن يكون سليما في مصادر التلقي. هل هناك شروط أخرى؟

الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: نعم هناك شرط مهم وهو معرفة طرق الاستنباط لأن الطرق الصحيحة كما يقول الشاطبي فهي محصورة وأما طرق الضلال فهي كثيرة فلذلك لما يأتي الشخص ويتكلم في طرق الاستنباط هو يحدد الطرق الصحيحة وما عداها فهي طرق غير صحيحة ومسالك أهل الأهواء في الاستنباط كثيرة لكن أبرز الطرق التي يسلكها أولئك هي ثلاث مناهج:

المنهج الأول: المنهج الحرفي يتعامل مع النصوص بحرفية مطلقة أي يتعامل مع النصوص بطريقة حرفية لا يتعمق في النصوص ولا يفهم العلل ولايجمع النصوص ولايؤلف بينها , ولايحمل العام على الخاص ولا المطلق على المقيد وإنما يأخذ كل نص مثل الخوارج يقولون لا تحكيم {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ} لما قرؤا هذه الآية قالوا أنها تدل على أنه لا يجوز التحكيم في مسائل الدين ولو قرؤا آيات كثيرة في تحكيم الله عز وجل {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ} فإن الله عز وجل ذكر في آيات أخر وهذا من حكم الله فهم لما تعاملوا مع النصوص بطريقة حرفية لم يهتدوا إلى المعنى الصحيح.

كذلك المنهج الثاني الباطل: المنهج التأويلي و المنهج التأويلي الذي يؤول النصوص على غير مرادها يأتي إلى نص من القرآن الكريم ويؤوله على غير ما كانت تفهمه العرب فهذا منهج باطل وهو منهج منتشر كثيرا.

الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: طيب نضرب بمثال على التأويل الباطل.

الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: التأويل مثلا لما يقرؤون قول الله عز وجل في آية الكرسي {اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} يؤولون هذه الآية عن معناها الصحيح إلى معنى آخر يقولون: من ذل فعل مضارع , ذي يعني نفسه يشفع عند ربه. والآية أصلا {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ} وهذا بعيد جدا فهذا تأويل باطل. وكذلك عندما يأتي شخص ويقول: " الخنس " في قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} يقول " الخنس " واردة في الإمام المهدي فمن أين أتوا بهذا المعنى؟ ولذلك في هذه المناهج لا يوجد ضابط هو فقط يذكر الآية ثم يذكر معناها عنده بلا أي ضابط.

المنهج الثالث الذي لايجب إتباعه هو المنهج الباطني وهو: أنهم يقولون أن لكل آية ظاهر وباطن أي أن الآية يقصد بها في الظاهر معنى ويقصد بها في الباطن معنى آخر , مثل:الحج يقصد به في الظاهر حج مكة وفي الباطن الحج إلى أئمتهم مثلا و " الخنس " يقصد بها في الظاهر النجوم وفي الباطن الإمام المهدي وهكذا كل شيء يقصد به في الظاهر كذا وفي الباطن كذا.

وهذا المنهج لايوجد ما يقر هذا المنهج وإن ورد في بعض الأحاديث أن للقرآن ظاهرا وباطنا إلا أنه ليس المقصود به هذا الشيء وإنما المراد أن للآيات معاني ظاهرة ولها معاني باطنة.

وأنا أضرب مثال في عدم معرفة الطرق الصحيحة مثلا قوله تعالى {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} هذا في أيوب عليه السلام قال بعض الصوفية: اركض برجلك يستنبط منها جواز الرقص.لما نأتي إلى هذه المعنى ما الرابط بين الآية وبين الرقص؟ ولذلك ابن عقيل نقل عنه ابن الجوزي رحمه الله قال: أين الدلالة في رجل قد ابتلى وهو أيوب أمر بضرب الرجل لينبع الماء فيشفى , من أن ضرب الرجل فرحا ورقصا فلو جاز هذا لجاز أن نضرب الجماد كما في قصة موسى عندما ضرب الحجر {أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ} فنحن نضرب الحجر اقتداء بموسى فهذا لا يقول به عاقل وقال ابن الجوزي وهذا احتجاج بارد لهؤلاء فإذا مثل هذه الاستنباطات الذي دعاهم إليها أنهم لا يعرفون الطرق الصحيحة.

الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: إذاً ماهي الطرق الصحيحة ياشيخ؟

الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: الطرق الصحيحة كثيرة جدا لكن أنا أذكر منها طبعا هناك طرق ذكرها أهل أصول الفقه الدلالات التي يذكرها أهل الأصول منها دلالة الإشارة ودلالة الاقتضاء ودلالة التضمن لكن أذكر دلالة مهمة جدا لايذكرها أهل أصول الفقه ويستطيع أي إنسان يقرأها أن يتعامل معها وهي " أسلوب القران " فالقرآن كلام الله عز وجل له أسلوب خاص به وهذا الأسلوب يستنبط منه الفقهاء والمفسرون وغيرهم آدابا كثيرة والشاطبي رحمه الله في الموافقات عقد له فصلا وذكر أقوال كثيرة منها.مثال القرآن من أسلوبه أنه إذا ذكر قصة أو إذا ذكر أقوالا فإذا سكت عن قول أو عن قصة فمعناها أنها صحيحة أي أن القصة صحيحة وإذا ردها فمعناها أنها باطلة فسكوت القرآن وإقراره يدل على أن ذلك الأمر صحيح مثاله: في سورة الكهف الله يقول: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ} ثم قال {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} ثم أكمل الآية ولم يرد على القول الثاني مما يدل على أنه صحيح فإذا القرآن له هذا المنهج فمعرفة أسلوب القرآن إذا عرف الإنسان هذه القاعدة فإذا جاءت في موضع آخر فإنه سيعرفها مثل {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} فهل كذبهم القرآن؟ لا لم يكذبهم إذا كلامهم صحيح هذا هو سبب دخولهم النار وهكذا غيرها من القصص.كما أن من أسلوب القرآن أيضا أنه يكني في المواضع التي يستحيا منها مثال: {كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ} فهم بشر إذا أكلوا الطعام فإنهم يحتاجون إلى إخراجه لكن هذا لا يذكره القرآن فهو معروف بالضرورة وأيضا {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} ولم يذكر الحادثة التي وقعت من وجود القمل في الرأس وغير ذلك بل يذكر كلمة أذى , فهذا أسلوب جميل ورائع ينبغي للناس أن يقتدوا به.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير