تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: هل يمكن للإنسان أن ينظر ويتأمل في القرآن؟

الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: التدبر هذا أمر عادي أن يتدبر القرآن ويعمل بأوامر القرآن ونواهيه هذا لا شك أنه عام لجميع الناس. لكن لو لاحظت أن آية الاستنباط الواردة في سورة النساء جاءت بالحديث عن التدبر قال: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} ثم قال: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} وهم فئة قليلة وليسوا أكثرية في الأمة ولذلك لابد من شروط تضبط الاستنباط لأن الحالات الفردية قد يصيب شخص في معنى مستنبط لكنه قد يخطئ في معاني أخر فإذا لم يضع الشروط التي تحدد الاستنباط صار لكل أحد أن يتلاعب بمعاني القرآن الكريم.

الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: ماهي ياتُرى هذه الشروط التي يشترط أن تكون في من يستنبط من القرآن الكريم؟

الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: أولى هذه الشروط: أن يعرف التفسير الصحيح للآية فلا يجوز لشخص أن يستنبط من القرآن إذا كان لايعرف التفسير. والآيات القرآنية على نوعين منها آيات ظاهرة وهذه لاتحتاج إلى معرفة تفسيرها لأن تفسيرها واضح مثل قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} إلى آخر الآية لكن هناك آيات خفية تحتاج إلى مراجعة كتب التفسير. فإذاً معرفة التفسير أمر مهم للاستنباط. ولذلك أضرب مثل:كان على عهد الصحابة رضوان الله عليهم قرأ قدامة بن مظعون قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} لما قرأها قدامة رضي الله تعالى عنه هو من الصحابة ومن أهل التفسير ظن أن الآية للإباحة وأن من فعل هذه الأمور: اتقى وآمن وعمل صالحا وأحسن أنه ليس عليه بأس أن يأكل ويشرب مايراه فاستنبط من هذه الآية جواز شرب المسكر له لأنه من المؤمنين وممن آمن واتقى وعمل الصالحات وأحسن الذي نبه على الخطأ عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وقد نص رضي الله عنه عمر على هذا السبب بذاته على التفسير قال له كما في الصحيح:إنك أخطأت التأويل يا قدامة والتأويل عند القدماء بمعنى التفسير فقد نبه عمر رضي الله عنه على أن الخطأ في التفسير قد قاد قدامة رضي الله عنه إلى الخطأ في الاستنباط.

الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: فهذا أثر واضح لزوم أن يكون المستنبط عنده القدرة على التفسير الصحيح أو لديه العلم بالتفسير الصحيح.

الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: نعم والذي نبه على ذلك هو عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في بداية الإسلام وهذا نص ظاهر لا يحتاج إلى تأويل كلامه رضي الله عنه فهذا شرط مهم وهو معرفة التفسير الصحيح.

الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: هل من شروط أخرى؟

الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: هناك شرط أيضاً مهم وهو صحة الاعتقاد و صحة الاعتقاد أهم مايشترط فيها أمران:

الأمر الأول: سلامة القصد أي أن يكون من يتعامل مع القرآن قصده صحيحا يعني لما يأتي إلى القرآن الكريم يقرأ القرآن بقصد الهداية لا بقصد نصرة مذهب على مذهب , أو بقصد بث الشبهات لأن الذي يدخل في القرآن الكريم بهذا القصد القصد الصحيح يفتح الله جل وعلا عليه المعاني.ولذلك دائما أهل الهوى وأهل الضلال لا يصلون دائما إلى حقائق القرآن لأنهم قد دخلوا إلى القرآن بطريق غير صحيح.

الأمر الثاني: المهم في صحة الاعتقاد هو:أن يكون سليما في مصادر التلقي المستنبط يكون يأخذ من المصادر الصحيحة للعقيدة يعني يقر أن القرآن يأخذ منه العقيدة ومن السنة ويقر بالعقيدة الصحيحة بالجملة أي لايبتدع مصدرا جديدا لأنه إذا ابتدع مصدراً جديداً فإنه سيأتي باستنباطات جديدة مثلا لو قال لنا شخص: أنا أضيف إلى مصادر التلقي عندي الإلهام والكشف فإذا أضاف الإلهام والكشف هنا فتح علينا باب جديد للاستنباط لايمكن أن نغلقه فإذا لم يقر أن هذا خطأ لايمكن أن تكون استنباطاته صحيحة وكذلك إذا حذف مصدرا معتبراً لو أن أحد الناس حذف السنة مثلا وقال أنا لا أقر بالسنة وأنا أؤمن بالقرآن فقط لأن القرآن يفسر بعضه بعضا ستصادم استنباطاته أحاديث صحيحة كثيرة فإذا لم يؤمن بهذه الأحاديث سيخرج استنباطات باطلة كثيرة وأذكر مثلا قوله تعالى: {وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} هنا عدم صحة الاعتقاد عند المفسر قد تقوده إلى أنه يقول لا شفاعة في يوم القيامة لأنه يرد الأحاديث التي فيها الشفاعة فلا يأخذ بها وأيضا عندما يقرأ قوله تعالى: (لَن تَرَانِي) فيقول الله عز وجل لن يراني يوم القيامة والأحاديث الصحيحة الواردة في الرؤية يردها فإذاً هنا صحة الاعتقاد مهمة جدا في مصادر التلقي ويجب أن يؤمن بهذه النصوص وأن يقبلها في تقرير عقيدته.وننبه هنا إلى أنه ليس المراد بأن كل من خالف في مسألة من مسائل الاعتقاد يرد كل ما عنده أوأن تحرق كتبه مثلا لا هذا لا يقول به عقل. لأن كتب العلماء القديمة وإن كان يوجد بها بعض الأخطاء من ناحية العقيدة إلا أن فيها فوائد كثيرة في غير العقيدة , في الفقه وفي السلوك واللغة وغير ذلك فهذا لايعني لو ركزنا على صحة مصادر التلقي وصحة القصد وإن اختلف بعض الناس مع مذهب أهل السنة والجماعة لكن يستفاد من كتبهم في غير هذا الباب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير