ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ولا تزد على ذلك"، فهو إذا كان مع عدم الفهم، كما في سنن أبي داود:"ما فقه من قرأ القرآن فيما دون ثلاث "، وفي رواية توضيح أنك لا تفقه.
قال بعض العلماء: فإذا تحقق أنه يفهم القرآن كما في حال من يختم في شهر ثم ختمه في ثلاث، وهذا لا يتحقق في المتأخرين وقد سرت فيهم العجمة، فقد لا يدرك من المعاني من ختمه في أكثر من ذلك.
واستدل مجاهد بقوله تعالى: {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنزلْنَاهُ تَنزيلًا} [الإسراء/106]. قال: على تروٍّ من غير عجلة.
وما أنزل القرآن إلا للتدبّر والفهم .. ، ويستثنى من ذلك ما يكون لضبط الحروف فكل حالة تقدر بقدرها.
وقراءته مع التدبر ولو قلّ أولى من غيره.
وأما ضبط القرآن فيجهل كثيرا من المعاني؛ ولهذا ذكر من حال السلف أنهم كانوا يعلّمون صبيانهم من غير معرفة لمعانيه.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة ونهيه عن هجرانه محتمل للمعنيين السابقين.
وهجر المعاني تحريمه على حسب المعاني، فالقصص وتفاصيلها لا يلزم من التفريط في فهمها الذم إلا أنه يتأكد فهم المعنى.
وأما نسيان القرآن نسيان حروفه وحفظه، فجاءت أحاديث عن سعد بن عبادة وعبادة بن الصامت وأنس بن مالك ولا يصح منها شيء.
وجاءت روايات موقوفة ومقطوعة منها:"عرضت علي ذنوب أمتي حتى القذاة فلم أجد أعظم ممن أوتي سورة حفظها الرجل ثم نسيها "وهو حديث معلولٌ؛ للإرسال من حديث ابن جريج عن المطلب بن عبد الله عن أنس، والمطلب لا يعرف له سماع من أنس.
وجاء عن رجل عن سعد بن عبادة بنحوه.
وجاءت مقطوعات كما في الزهد لأحمد عن رفيع بن مهران:"كنا نعدّ تعلم القرآن وتركه من أعظم الذنوب ".
وهذا لا يشمل نسيان حروف القرآن وإنما يشمل معاني القرآن.
عن ابن سيرين:"كانوا يكرهون نسيان القرآن "رواه الدارمي وغيره.
وما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:"فلم أر ذنبا أعظم ... "حمله بعضهم على نسيان المعاني، صوبه ابن تيمية وجماعة، وهو الصواب.
وأقل أحوال نسيان القرآن –نسيان حروفه- الكراهة.
ومن نظر لأقوال السلف وجد أنهم لا يحرمونه، ليس كما اشتهر عند المتأخرين، وما جاء من الآثار فهو منقول عن المعاني كما هو ظاهر القرآن.
وتدبر القرآن على أنواع:
آيات متعلقة بالتوحد بأنواعه الثلاثة. وآيات متعلقة بالأحكام الحلال والحرام. وآيات متعلقة بالقصص والأمم الغابرة والمتأخرة.
فينبغي أن يرتب المعاني التي يتعلمها بحسب ترتيب الأنواع الماضية، ويستفصل المراد بها من كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
لقد اعتنى الأئمة بجمع آيات الأحكام ومنها: كتاب القاضي أبي يعلى من الحنابلة، والجصاص من الحنفية، والإمام الشافعي، وأبي بكر ابن العربي من المالكية. وغيرهم.
وثمّة مصنفات في آيات الأحكام لا تلزم مذهبا معينا كأحكام القرآن لإسماعيل القاضي المالكي.
فينبغي الاهتمام بهذا النوع من الآيات.
وقد انتشر بين طلاب العلم جمع الأدلة من السنة النبوية في المسألة الفقهية، ولا يذكر لها دليلا من القرآن، مع أن دليل القرآن ظاهر، وهذا نوع من الجهل الذي لا ينبغي.
ومن أوجه القصور عند طلاب العلم آيات العقائد، فلم يعتن بجمع الآيات على حسب مسائل العقيدة كما فعل بآيات الأحكام، ولا تكاد تجد مؤلفات تجمع أدلة القرآن والسنة على مسائل الاعتقاد وأنواع التوحيد ونحو ذلك.
ونسيان المعاني أعظم.
وينبغي تدرج طالب العلم عل حسب الأهمية في هذه الموضوعات الثلاث، وقد تيسرت كتب كثيرة ووسائل حديثة في تتبع العلم والوصول إليه، ولكن قل الحرص من طلاب العلم في الاستفادة منها وقراءتها والعناية بها.
بل لقد انتشر الجهل والشرك في المسلمين في العصر الحاضر مع وجود الكتب والعلوم مما يدعوا إلى نشر العلم بحرص.
ينبغي الاعتناء بالقرآن قراءة واستحضار عقل.
عن ابن مسعود رضي الله عنه:"من قرأ القرآن فله بكل حرف حسنة ... " الحديث، والمراد بالحروف الكلمات، وليس الحرف المصطلح عليه .. فليس كما يقول المتأخرون؛ ولذلك قال: {ألم} ولم يقل: {ألم تر} ..
وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته.
¥