تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ترمز أعمال "محمد أركون" إلى الاتجاه الأول، باعتباره اقترح منهجاً متكاملاً لقراءة القرآن الكريم وحاول تطبيقه على بعض السور، دون كبير توفيق. فالمشكل الذي يطرحه هذا المنحى، هو توهم القدرة على تحجيم النص في سياق تأويلي مخصوص، يعتقد أنه المجال الأصلي لظهور النص، من خلال استخدام أدوات منهجية يُظن أنها محايدة وموضوعية، في حين أنها تسخر في فرض قراءة راهنة وموجهة للنص بحسب صراعات وصدامات اللحظة الحالية.

أما الاتجاه الثاني، فيرمز إليه مشروع "محمد عابد الجابري" الأخير في تفسير القرآن الكريم بحسب ترتيب نزول الآيات، الذي إنْ كان حاول فيه التوفيق بين لانهائية المقصد الإلهي ومحدودية سياق التنزيل، إلا أنه سلك فيه مسلكاً كلاسيكياً مدرسياً غاب عنه الهم الفلسفي، وحضر فيه المشغل الإيديولوجي الآني.

يقدم لنا المرزوقي رؤية فلسفية رصينة للمعاني القرآنية، لا بمنظور المفسر التقليدي أو الداعية أو الفقيه. فالرجل لا يغادر أرضية الفلسفة، ولا يتنكر لها في إنصاته لنداء الوحي من حيث هو مسلم مهموم بقضايا الأمة، ملتزم بدينه. فليس كتابه على شاكلة أدبيات "أسلمة المعرفة"، التي تبحث عن صيغ إسلامية من العلوم الإنسانية، ولا على شاكلة كتابات "الإعجاز العلمي"، التي ينتقدها بشدة معتبراً أنها خطر على الدين وإساءة للذكر الحكيم لإخضاعها النص المحكم للنظريات العلمية المتغيرة التي لا مجال للحقيقة فيها.

ينظر المرزوقي بعين الفيلسوف إلى القرآن الكريم في بعدين متلازمين:"حصول الآيات في الوجود الفعلي"، أي النص منزلاً في وقائع خطابية ووجودية، والبعد المطلق اللانهائي في الوحي، الذي هو شرط كل فرضية تأويلية تتحرى فهم النص مع الوعي بالقصور عن الإحاطة به.

يتجاوز المرزوقي بهذا المنهج الثنائية العقيمة بين العقل والنقل (فمتى افترقا حتى في أكثر النصوص خروجاً عن الدين أو تقيداً بحرفيته؟). فإذا كان بإمكان المؤمن الاستفادة من اللطائف البديعة في قراءته لبعض السور الكريمة كاشفاً عن جوانب من بهائها وإعجازها الدلالي، فإن الفيلسوف غير المتدين يجد بنفس المستوى ما يرضيه من رصانة وبراعة في اختراع المفاهيم واستكشاف المسالك الإشكالية الخصبة.

وبذا تصدق على المرزوقي قولة الفيلسوف الفرنسي الكبير "بول ريكور": "لست فيلسوفاً مسيحياً، بل أنا فيلسوف ومسيحي". وتعني هذه العبارة أن الفيلسوف لا يغادر أرضية التفلسف وقواعد التأمل الفلسفي في كل مباحثه التي لا تنحصر في موضوع بعينه. فالمرزوقي يظل في كتابه الأخير فيلسوفاً دون التباس، وإنْ كان الموضوع دينياً بامتياز.

فهو هنا على خطى "هيجل" في كتابه الضخم "دروس في فلسفة الدين" الذي يدرس فيه من منطلق التجربة المسيحية علاقة التلازم بين العقل الذاتي المحدود والروح المطلق، وإمكانات تجسد هذه العلاقة في النظم الإنسانية الموضوعية.

ولئن كانت مرجعية المرزوقي إسلامية صرفة تتكئ على حدوس "ابن تيمية" و"ابن خلدون" (من منظور جديد)، إلا أننا نجد في تفسيره هموم وإشكالات ومفاهيم الفلسفة المعاصرة، التي هي المدخل المطلوب إلى أرضية الحوار الفكري الإنساني، بدل الصيحات الغنائية اليائسة إلى حوار ندي بين الثقافات دون الاستعداد لدفع الاستحقاقات الفكرية الضرورية لمثل هذا الاعتراف المنشود.

نخلص إلى القول، إن القرآن الكريم تحول بفعل عوامل معروفة إلى دائرة الاهتمام الأولى راهناً، فتعددت ترجماته، وكثرت الكتابات عنه (سلباً غالباً)، ولذا فليس بأجدر من الفيلسوف المسلم من تقديمه التقديم المناسب للإنسانية المعاصرة.

المصدر: جريدة الاتحاد الإماراتية ( http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=52318) .

ـ[محمود البعداني]ــــــــ[04 May 2010, 01:22 م]ـ

http://www.tafsir.net/images/aljali.jpg

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 May 2010, 01:42 م]ـ

جزاكم الله خيراً أخي محمود على تزويدنا بصورة الغلاف.

بعد نشر هذا الموضوع قرأه أحد الأصدقاء الباحثين من تونس فكتب لي رسالةً على هاتفي المَحمول يقول فيها بعد السلام واصفاً هذا التفسير بعد اطلاعه عليه: (لا علاقة له بالتفسير! وفيه تحقير وتطاولات على مقام النبوة وخبط كعادته في الأحكام الشرعية).

ولعل أحد الباحثين المتخصصين يكتب لنا قراءة نقدية لهذا الكتاب، فكثير من القراء يحتفي بكتابات الدكتور أبو يعرب المرزوقي لنرى ماذا أضاف في تفسيره هذا، وما هي أوجه التميز وأوجه القصور.

ـ[ايت عمران]ــــــــ[04 May 2010, 01:52 م]ـ

سبقني الأستاذ البعداني لرفع هذه الصورة، جزاه الله خيرا، وأضيف من نفس المصدر أن المؤلف عنون المجلدات كالتالي:

المجلد الأول: مقومات الاستراتيجية والسياسة المحمدية.

المجلد الثاني: الثمرات المعرفية نظرية غايات الفعل الاستراتيجي والسياسي وأدواتهم.

المجلد الثالث: الثمرات الوجودية الحصانة الروحية ودور النخب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير