تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بالمجيد؛ لكونه مشتملاً على أعلى المعاني النافعة لصلاح الناس (4) · وكوصفه بالهيمنة في قوله: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه) المائدة:48، أي شاهداً وقيّماً على الكتب السّابقة عليه، وذلك لما فيه من صلاح للبشر في العاجل والآجل (5) · يقول سيّد قطب: >لقد جاء هذا الكتاب لينشىء أمة وينظم مجتمعاً، ثم لينشىء عالماً ويقيم نظاما، جاء دعوة عالمية إنسانية لاتعصّب فيها لقبيلة أو أمّة أوجنس< (6)، ويقول: >إنه جاء لإنشاء مجتمع عالمي إنساني، وبناء أمّة تقود هذا المجتمع العالمي، وأنه الرّسالة الأخيرة التي ليس بعدها من السّماء رسالة< (7) · وذلك لأنّ >القرآن الكريم ـ وحده ـ بحكم كونه نصّاً إلهياً مطلقاً، هو القادر على استيعاب وتصويب مختلف مناهج العلوم النقلية والعقلية والطبيعية والاجتماعية والإنسانية وغيرها وتقويمها كذلك، وهو وحده بحكم عالمية رسالته القادر على استيعاب مختلف الأنساق الحضارية وتصويبها وتقويمها وترقيتها< (8) ·

ثانياً: عالمية الرسالة

ومن الدلائل على البعد العالمي في الخطاب القرآني، إخباره بأن الرسالة المحمدية جاءت للعالمين، وأنها صالحة لكل زمان ومكان، قال تعالى: (تبارك الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً) الفرقان: 1، فالآية ترسم الغاية من تنزيل القرآن على الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وهو كونه رسولا للعالمين، فالرسالة تدل على ثبوت تلك العالمية منذ مطلع البعثة النبوية، بما تحمل من طابع عالمي ووسائل إنسانية كاملة ذات بعد عالمي (9)، ويقول: (قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) الأعراف: 851، فالآية تثبت باللفظ الصريح عالمية الرسالة النبوية، ومعنى ذلك أنها لا تختص بقوم، ولا أرض، ولاجيل، بل هي للناس جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها، بما تضمّنته من قوانين تتناسب وتطوّر البشرية الأخير، وكمال أصولها العقدية، وقابليتها للتطبيق المتجدّد في فروعها العملية، وكذا ملاءمتها للفطرة الإنسانية التي يلتقي عندها الناس جميعاً (10)، وقوله: (وماأرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء: 107، فالتعريف في قوله ـ للعالمين ـ يفيد الاستغراق، فهو شامل لكلّ مايصدق عليه اسم العالم، وتفيد صيغة الخطاب أن الرحمة منحصرة في الرسالة الخاتمة، ومعنى ذلك أنها أوسع الشّرائع رحمة بالناس، فإن الشرائع التي سبقتها، وإن كانت تتّصف بالرحمة، إلا أنها لم تكن رحمة عامة، إمّا لكونها لا تتعلق بجميع أحوال المكلفين، كشريعة إبراهيم ـ عليه السلام ـ كانت رحمة خاصة بحال الشّخص في نفسه، وليس فيها تشريع عام، وقريب منها شريعة عيسى ـ عليه السلام ـ، وإما لأنها تشتمل على أنواع من المشقّة في أحكامها اقتضتها حكمة الله تعالى في سياسة الأمم (11) · يقول الشيخ القرضاوي: >إنها رسالة لكلّ الأزمنة والأجيال ليست رسالة موقوتة بعصر أو زمن مخصوص، ينتهي أثرها بانتهائه، كما هو الشأن في رسالات الأنبياء السابقين على محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي كذلك غير محدودة بمكان، ولا بأمّة، ولا بشعب، ولا بطبقة، إنها الرسالة الشاملة التي تخاطب كل الأمم، وكل الأجناس، وكل الشعوب، وكل الطبقات< (12) ·

ثالثاً: عالمية الخطاب

ومما يدل على البعد العالمي للخطاب القرآني، تميّز خطابه بالعالمية، حيث صيغ صياغة العموم والشمول المستوعب للإنسان·

والمتتبع للخطاب القرآني يجده مرّة يخاطب الإنسان، ومرّة يخاطب الناس، ومرّة يخاطب المؤمنين:

ـ فخطابه لعموم الإنسان، كقوله في معرض الوصية بالوالدين: (ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً) الأحقاف:15، وكقوله في معرض بيان مسئولية الإنسان عن نتائج أعماله: (وأن ليس للإنسان إلا ماسعى) النجم: 39، وقوله: (يأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه) الانشقاق:6، فالوصية والمسؤولية تخاطب عموم البشر في هذا الكون أينما وجدوا، فكل إنسان مطالب بالإحسان إلى الوالدين، وكذلك كل إنسان مسؤول عن نتائج أعماله من خير أو شر·

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير