إذا استعرضنا الآيات من قوله تعالى (حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65) قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67)) الآيات تتكلم عن الكفار الذين لم يعلنوا اسلامهم وكانوا ينكصون وكانت تتلى عليهم آيات (لم يقل القرآن) ثم يخاطبهم تعالى في قوله (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68)) لم يذكر كلمة القرآن في الآية وإنما قال (القول) وقد يكون القول كلمة أو آية أو بعض آية أو سورة أو القرآن كله ولمّا استعمل كلمة آيات والقول اجتزأ الفعل أيضاً (يدّبروا) وهذا الفعل حذفت منه النون لوجود الجازم (لم) ثم ألغى الحركة في الفعل الأصلي (يتدبر) سُكنت التاء والتقت بالدال فاُدغمت فيه وهذا فيه نوع من الشدّى لأن الدال مشددة والباء مشددة (يدّبّروا) فهناك تشديد في المطالبة ولو تأملوا أقل تأمل فجاء اللفظ مناسباً للطلب (المطلوب هو أن يتأملوا أقل تأمل).
الآية الرابعة في سورة ص (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29) ص):
إذا نظرنا في الآيات في السورة من قوله تعالى (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)) الكلام عن الكافرين وليس المنافقين وقد ذكرت الآيات الفريقان: الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمفسدين والمتقين والفُجّار. ثم قال تعالى (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)) ذكر الآيات وذكر كتاب ولم يذكر لفظ القرآن. والواو في (ليدبروا) تعود على الكافرين والمؤمنين لأنه ذكرهم جميعاً في الآيات: الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمفسدين والمتقين والفُجّار فالكل مطلوب منه أقلّ تدبّر. وقال تعالى (وليتذكر أولو الألباب) لم يقل ليذّكر لأن أولي الألباب هم الذين يتذكرون فجعلها خاصة بأولي الأباب ففصل (ليتذكر).
وفي الآيات دعوة لكل من ينظر في كتاب الله للتدبر. التأمل قد يكون في آية واحدة والتعقّل في آية واحدة أما التدبر فمعناه مواصلة التدبر في الآيات واحدة دُبُر الأخرى بدون توقف. وكل كلمة في القرآن الكريم مُرادة في مكانها. والتفكر في شيء هو النظر في ملكوت الله تعالى والتدبر هو تفكّر وتأمل في شيء متصل آية دُبُر آية.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[21 May 2010, 09:25 ص]ـ
جزاك الله خيراً استاذة سمر على هذه الإفادات. وأتسائل: اذا كان لديك هذه المعلومات فلماذا تحجزينها وتدخرينها الى هذا الحد؟؟ أم أنك تستخدمين أسلوب brain storm التعليمي؟؟. بارك الله بك أختاه ونفعنا من علمك ونقلك.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[21 May 2010, 09:36 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي الفاضل على حسن ظنك بي. وعذراً لأني لم أنتبه للموضوع إلا اليوم فأضفت ما لدي بارك الله بك ونفعنا بما علمنا وزادنا فهماً وتدبراً لكتابه العزيز
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[21 May 2010, 07:15 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الفاضل على حسن ظنك بي. وعذراً لأني لم أنتبه للموضوع إلا اليوم فأضفت ما لدي بارك الله بك ونفعنا بما علمنا وزادنا فهماً وتدبراً لكتابه العزيز
أختي الكريمة سمر جزاك الله خير الجزاء على الإضافة القيمة.