وإن السبب - في رأيي - في هذا الحصار الخانق للمصطلح الوضعي وتغلبه على المصطلح الإسلامي في علم الاقتصاد؛ راجع إلى أن علم الاقتصاد الإسلامي بطريقته الحديثة يعدُّ إلى حدٍّ ما جديداً ويحتاج إلى علماء قد زاوجوا بين فقه الأصلَيْن الشريفَيْن (الكتاب والسنة) وبين الاقتصاد بوصفه علماً يعمل على الموازنة بين الإنتاج والاستهلاك ولكن في ضوء شرع الله وليس في غيره.
وتجاوباً مع هذا الخلل يجب على الجامعات الإسلامية في بلداننا العمل على سدِّ هذا الجانب بإنشاء مراكز متخصصة في الاقتصاد الإسلامي يدرس فيها الطالب خلال مرحلة جامعية فقه المال وعلم الاقتصاد على أن يدرب الطلاب على الابتكار وليس على مجرد التوفيق أو التلفيق بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد الوضعي.
كما أنني أقترح أن يعمل علماء الاقتصاد والفقه الإسلامي على تنقية المعاملات الاقتصادية الإسلامية من المصطلحات الوضعية التي تسيء إليه، وذلك باستخدام بدائلها المتوفرة في الفقه الإسلامي، أو استحداث مصطلحات تتفق والرؤية الاقتصادية الإسلامية، إذا لم يكن الفقه الإسلامي قد انطوى على ما يعبِّر به عن بعض المعاملات الحادثة.
[1] إرشاد العقل السليم لأبي السعود: 1/ 100، وينظر: تفسير الفخر الرازي: 1/ 423.
[2] ينظر: اللباب لابن عادل: 7/ 276.
[3] ينظر في الكلام عن مرجع الضمير في كل من: تفسير الآلوسي: 9/ 469، وتفسير الفخر الرازي: 9/ 294.
[4] تفسير الطبري: 17/ 79.
[5] ينظر: البحر المحيط لأبي حيان: 7/ 190.
[6] ومعلوم أن البصريين يعارضون جواز عطف الظاهر على الضمير المجرور إلا بإعادة حرف الجر وهو رأي فيه تكلف؛ لأن القرآن الكريم سلك ما يخالفه، فعطف على الضمير المجرور بدون إعادة حرف الجر في قوله - سبحانه -: {وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 712]، وكذلك قراءة حمزة: تساءلون به والأرحام؛ بالجر، وفي الشعر العربي الكثير مما يؤيد الجواز.
وأما المعارضون فلهم في توجيه هذا الإعراب اتجاهات أخرى فقال الزجاج: «مَن» منصوب بفعل محذوف تقديره: وأعشنا من لستم أي: أمماً غيركم؛ لأنّ المعنى أعشناكم. وقيل: عطفاً على معايش أي: وجعلنا لكم من لستم له برازقين من العبيد والصناع».
[7] تفسر الطبري: 21/ 435.
[8] تفسير الفخر الرازي: 13/ 370.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[26 May 2010, 11:12 ص]ـ
كلام جميل يا دكتور أحمد
ولكن هناك بعض الأسئلة تحتاج إلى جواب منها:
ما هو تفسيرالأوضاع الاقتصادية الخانقة لبعض الشعوب من منظور إسلامي هل هي بسبب ما يسمى بـ" الندرة"؟
كيف ننظر إلى المجاعات التي تجتاح بعض البلدان والتوفيق بينها وبين مسألة تكفل الله بالرزق؟