- ولأتباعهم ثلاث طبقات أخرى: كبرى، ووسطى، وصغرى، وألحق بالصغرى نفراً قليلاً من شيوخ بعض الأئمة، كبعض شيوخ النسائي فلقلة عددهم لم يفردهم بطبقة خاصة بهم.
3 - ثم بين مصطلحه في الوفيات: فمن كانت وفاته خلال القرن الأول قال عنه: من الثانية، ولا ينسب أحداً إلى الأولى، فإن أهلها من الصحابة وهو يستغني بوصفهم بالصحبة عن تحديد طبقتهم وقوله عنهم: من الأولى.
ومن كانت وفاته في المائة الثانية: وصفه بما يليق به: من الثالثة، من الرابعة … من الثامنة، ولا يزيد.
ومن كانت وفاته بعد المائتين: فهو من التاسعة فما بعدها إلى الثانية عشرة.
ثم قال: ((ومن ندر عن ذلك بينته)) وهو شامل:
- لمن تأخرت وفاته عن المائة قليلاً أو المائتين، وهو ملحق بمن دونها.
- مثال ذلك: أبو الطفيل عامر بن واثلة، آخر الصحابة وفاة، وكانت وفاته سنة (110 هـ)، أي جاوز المائة، ورسم ما مضى يقضي أن يكون من الثالثة، مع أنه صحابي من أهل الطبقة الأولى.
- ولمن تقدمت وفاته على المائة والمائتين، وهو ملحق بمن بعدها.
مثال ذلك: عروة بن الزبير: ((من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين على الصحيح))، فكونه ((من الثالثة)) يقتضي أنه توفي بعد المائة وإلا خالف الاصطلاح فاقتضى البيان والاستثناء؛ لذلك قال: ((ومن ندر عن ذلك بينته)).
وهنا لا بد من بيان معنى الطبقة عند ابن حجر في كتابه " تقريب التهذيب " إذ أن مصطلحه كان مثار انتقاده ممن غفل عنه.
تقدم أنه جعل للمائة الأولى طبقتين: الأولى والثانية، وللمائة الثانية ست طبقات: من الثالثة إلى آخر الثامنة، وللمائة الثالثة أربع طبقات: من التاسعة إلى آخر الثانية عشرة.
فيكون قد توسع في القدر الزمني لرجال المائة الأولى، وتوسط في المائة الثالثة وضيَّق المسافة الزمنية لكل طبقة من أهل المائة الثانية.
فهو في كتاب واحد لم يمشِ على وتيرة واحدة، وهذا لا يؤثر على منهجه، إذ أنه اصطلح وبيَّن ما اصطَلَحَ عليه، ولا مشاحة في الاصطلاح.
إنما ينبغي للناظر في كتابه أن يحفظ مصطلحاته ويفهم مراده، ويوفق بين ما رسمه وبين تطبيقه له.
فالمائة الثانية: قسمها على ست طبقات، فيكون للطبقة الواحدة تقريباً نحو (17 سنة)، أي: من يقول عنه: من الثالثة، فوفاته في حدود سنة (120 هـ)، ومن الرابعة: بين (135 – 140)، وهكذا.
ومن قال عنه: من الثامنة، فوفاته أواخر القرن الثاني.
ومن كانت وفاته في الربع الأول من القرن الثالث: كان من التاسعة، ومن توفي في الربع الثاني منه، فهو من العاشرة، ومن توفي خلال الربع الثالث منه: عدَّه من الحادية عشرة، والمتوفى أواخر القرن: كان من الثانية عشرة.
لكن ليست هذه التحديدات حدوداً منطقية لا يجوز الخروج عنها، إنما هي مرتبطة بأمر آخر هام، هو المقياس الدقيق الذي لا يجوز تجاوزه بحال، وهو: الشيوخ الذين أدركهم وأخذ عنهم، ثم بعد ذلك قد يطول عمر هذا الراوي فتكون وفاته في عصر الطبقة التي بعده، لتأخرها، وقد يقصر عمره، فيتوفى في عصر الطبقة التي قبله.
فلا يصح النظر في تاريخ الوفاة والطبقة التي حددها له، فإن اختل التناسب بينهما خطَّأنا المصنف، لا إنما الطبقة – عنده – ملاحظ فيها ثلاثة أمور: أهمها الشيوخ الذين أخذ عنهم، ثم ولادته، ثم وفاته.
وإنما أخرت معرفة الولادة عن معرفة الشيوخ؛ لأنه قد تتقدم ولادته؛ ولكنه يتأخر في الطلب والسماع – وإن كان بينهما تلازم في غالب الأحيان -.
فإن تأخر في السماع: فاته فلان وفلان من المتقدمين، وأخذ عن فلان وفلان من المتأخرين، ويشاركه حينئذ من تأخرت ولادته عنه، في السماع من هؤلاء المتأخرين.
والأمثلة توضح منهجه:
أحمد بن عبد الله بن ميمون ... ابن أبي الحواري، قال عنه: ((من العاشرة مات سنة ست وأربعين)).
وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب المصري، ابن أخي عبد الله بن وهب، قال عنه: ((من الحادية عشرة مات سنة أربع وستين)) أي: كلاهما بعد المائتين.
وهذان مثالان منطبقان على الطبقة وتاريخ الوفاة، ولا إشكال فيهما)) (1).
المطلب الثاني:
العلامات والرقوم التي استخدمها الحافظ
((قال المصنف – رحمه الله – في مقدمة كتابه: ((وقد اكتفيت بالرقم – أي: الرمز – على أول اسم كل راوٍ، إشارة إلى من أخرج حديثه من الأئمة.
فالبخاري: في صحيحه: خ، فإن كان حديثه عنده معلقاً: خت. وللبخاري في الأدب المفرد: بخ، وفي خلق أفعال العباد: عخ، وفي جزء القراءة خلف الإمام: ر، وفي رفع اليدين: ي.
ولمسلم: م
ولأبي داود: د، وفي المراسيل: مد، وفي فضائل الأنصار: صد، وفي الناسخ: خد، وفي القدر: قد، وفي التفرد: ف، وفي المسائل: ل، وفي مسند مالك: كد.
وللترمذي: ت، وفي الشمائل له: تم.
وللنسائي: س، وفي مسند علي له: عس، وفي مسند مالك: كن.
ولابن ماجة: ق، وفي التفسير له: فق.
فإن كان حديث الرجل في أحد الأصول الستة أكتفي برقمه ولو أخرج له في غيرها، وإذا اجتمعت فالرقم: ع، وأما علامة 4 فهي لهم سوى الشيخين.
ومن ليست له عندهم رواية مرقوم عليه: تمييز، إشارة إلى أنه ذكر ليتميز عن غيره، ومن ليست عليه علامة نبه عليه وترجم قبل أو بعد)).
فهذه واحد وعشرون كتاباً وتزيد الرموز عليها أربعة: خت، لمعلقات البخاري وللستة: ع، وللسنن الأربعة: 4، و (تمييز) لمن ليست له رواية في الكتب المذكورة.
1 - وقد أضاف المصنف في ثنايا الكتاب ثلاثة رموز، وهي: مق، ص، سي (مق): لمقدمة مسلم في صحيحه، (ص): لخصائص سيدنا علي ?، (سي): لعمل اليوم والليلة وكلاهما للنسائي.
فيكون مجموع الرموز ثمانية وعشرين رمزاً، لثلاثة وعشرين كتاباً)) (1).
¥