تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يفيض على الأقطار يُمنًا ورحمة

ويزأر في أذْن العُتاة ويصخَب

تفجَّرَ من نبع النبوة ماؤه

له الحق وِرد والسماحة مشرب

ووحَّد بين الناس، لا البُعد مبعد

عن الساحة الكبرى، ولا القرب مُقْرب

فليس لدى الإسلام شرق ومشرق

وليس لدى الإسلام غرب ومغرب

هم الناس إخوان سواءٌ على الهدى

بطيء المساعي والشريف الْمُهَيَّب

فما حط من قدر الفزاري فاقة

ولا زاد في قدر ابن أيهم منصِب

يجمِّعهم قلب على الحق واحد

وإن فُرِّقت أو طانهم وتشعبوا

إذا صاح في "جيحون" يومًا مؤذن

أجاب على "التاميز" داع مثوِّب

وإن ذَرفت من جفن دجلة دمعة

رأيت دموعَ النيل حيرى تَصَبَّب

وإن مس جرحٌ من فلسطين إصبعًا

شكا حاجرٌ منه وأن المحصَّب

* * *

بنفسي وليدًا في أباطح مكة

تتيه به الدنيا ويشرُف يعرُب

أطل عليها مثلما تبسِم المنى

ويسطع في الليل الْخُداريِّ كوكب

وكان لها رمز الحياة فأشرقت

كما هز أفنانَ الخمائل صيِّب

وكم مَدَّت الأعناقَ ترقب لمحة

فطال عليها صبرها والترقُّب

توالت بها الأيام، تذهب أحقُب

وتأتي على اليأس المبرح أحقُب

إلى أن بدا نور الإله فأقبلت

عوالمها تشدو بطه وتَطرَب

وليد له عليا معد ذؤابةٌ

جلالة أنساب، ومجد مؤشَّب

حوته كما اعتاد الأعاريب جَفنةٌ

وقد ضاق عن آماله الفيح سَبْسَب

يحييه من طيف الملائك موكب

ويرعاه من طيف النبيين موكب

فهل علم الرومان أن مهاده

قِراب به ماضي الغِرار مشَطَّب

وأن به نفسًا يُحطَّم دونها

منيع الصياصي، والحديد المذرَّب

وأن به من صولة الله جحفلاً

يثُلُّ عروش القاسطين ويسلُب

له الكون ميدان إذا سل سيفه

وقال لفرسان الملائكة: اركبوا

يطير عداه منه ذعرًا وخشية

وإن ملأوا الأرض الفضاء وأجلبوا

ومن لم يؤدبه البيان وهديُه

فإن الحسام العَضْبَ نعم المؤدب

فقد أنزل الله الحديد وبأسه

لمن سدَّ أذنيه الهوى والتعصب

وفي صَدْعة الإيوان إنذار أمة

بأن من الأشياء ما ليس يُشعَب

* * *

محمدُ، أنقذت الخلائق بعد ما

تنكبت الدنيا بهم وتنكبوا

وأطلقت عقلاً كان بالأمس مُصْفَدًا

فدان له سر الوجود المحجَّب

وأرسلتها من صيحة نبوية

يمور لها قلب الجبال ويُرعَب

إذا كان صوت الله في صيحة الفتى

فأيَّ عباد الله يخشى ويَرهَب؟

وبلَّغتَ آياتٍ روائع لفظها

من الصبح أهدى، أو من النجم أثقب

كأن .. وما تغني كأن؟! فخَلِّها

فإن من التشبيه ما يتصعَّب

وماذا يقول الشعر في آي رحمة

لها الله يُملي والملائك تكتب

خطبتَ لنا يوم الوداع مشرِّعًا

وهل لك ندٌّ في الورى حين تخطب؟!

فكشّفت أسرار السياسة موجزًا

وجئت بما يعيا به اليوم مُسْهِب

وأمليت دستورًا شقينا بتركه

فثرنا على الأيام نشكو ونعتِب

* * *

إليك - رسولَ الله - طار بنا الهوى

وحلوُ الأماني والرجاء المحبَّب

سنصحو فقد مل الطريح وساده

وفي نورك القدسيّ نسعى وندأب

عليك سلام الله ما حن واجد

وفاخرت الدنيا بقبرك يثرب

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[05 Aug 2010, 05:18 م]ـ

إليك - رسولَ الله - طار بنا الهوى

وحلوُ الأماني والرجاء المحبَّب

سنصحو فقد مل الطريح وساده

وفي نورك القدسيّ نسعى وندأب

عليك سلام الله ما حن واجد

وفاخرت الدنيا بقبرك يثرب

اللهم صل وسلم وبارك على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. اللهم احشرنا في زمرته وأوردنا حوضه وأسقنا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبداً، ولا تحرمنا الله رؤيته في الآخرة كما حُرمنا منها في الدنيا، اللهم آمين.

ـ[محمد خليل الزروق]ــــــــ[12 Aug 2010, 03:26 م]ـ

ابن الرومي علي بن العباس (221 - 283) أحد أعمدة الشعر العربي، وأحد أصحاب الدواوين الكبيرة، قال المرزباني: "أشعر أهل زمانه بعد البحتري، وأكثرهم شعرًا، وأحسنهم أوصافًا، وأبلغهم هجاءً، وأوسعهم افتنانًا، في سائر أجناس الشعر وضروبه وقوافيه ". وفي وفيات الأعيان: " يغوص على المعاني النادرة فيستخرجها من مكامنها ويبرزها في أحسن صورة، ولا يترك المعنى حتى يستوفيه إلى آخره ولا يبقي فيه بقية ".

واختار له المرزباني في ترجمته قطعًا تدل على براعته في وصفه وغزله وهجائه وتأمله، فمن غزله:

نظرَتْ فأقصَدَتِ الفؤادَ بسهمها * ثم انثنت عنه فكاد يهيم

الموت إن نظرت وإن هي أعرضت * وقعُ السهام ونزعهن أليم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير