أخي الكريم تعلمنا اللغات الأجنبية ولم يؤثر هذا لا على أخلاقنا ولا على عاداتنا وأنا شخصياً أتحدث الفرنسية والانجليزية بطلاقة إضافة إلى اللغة العربية لغتي الأم التي أعتز بها فما ضرّني ذلك في شيء، المشكلة ليست في اللغة الأجنبية نفسها وإنما في نفوسنا التي تحتاج إلى صيانة وإعادة تأهيل!
ثم أخي لماذا هذا الحقد على الغربيين؟ أليس منهم من نصر دين الإسلام ومن دافع عن حقوق المستضعفين؟ أليس منهم من قتل في فلسطين دفاعاً عن أرض فلسطين التي تخلى معظم المسلمون العرب عنها؟! ألم يقدّروا علماءنا الذين ذكرت في مشاركاتك؟ هل قالوا هذا عربي مسلم علينا أن نسرق علمه ونضع إسمنا عليه؟ أنت قلت أنهم يعترفون لعلمائنا بالفضل وقد دًرس كتاب ابن سينا في جامعات فرنسا سنوات طويلة؟! الإنصاف الإنصاف أخي الكريم وإذا شئنا الانتقاد فلنحدد بالضبط ما الذي ننتقده ثم يكون نقداً منهجياً وله هدف محدد نصل منه إلى شيء ما إما النقد لتطوير ذاتنا بعد أن نعرف عيوبنا وإما النقد لنوجهه لأعدائنا حتى نأخذ حقوقنا الضائعة.
أخي الكريم عشت في بريطانيا ما يقارب العشر سنوات وكنت أفرض نفسي كمسلمة بينهم وما رأيت منهم إلا الاحترام لدرجة أنهم إن دعونا للعشاء عندهم طبخوا الخضار لأنهم يعلمون أنا لا نأكل إلا اللحم الحلال وشربوا العصائر لا الخمور لأنهم يعلمون أنا لا نجالس من يشربها ولا ننظر إليها وما عابوا علينا هذا ولكنهم احترمونا لأننا نحترم مبادئنا وعقيدتنا. ما أنت مقتنع به أخي وتتصرف على أساسه بصدق وثقة لا بد وأن يجد لدى الطرف الآخر القبول، هكذا فطرة البشر. كانوا يعتذرون إن أكلوا أمامنا في رمضان وهم ليسوا مسلمين وتجدنا في بلادنا الإسلامية يجاهر المفطرون بفطرهم لا يرفّ لهم جفن وهم مسلمون!
المشكلة أخي تكمن في حكمنا على الغربيين على ضوء ما نريد أن نسمعه وليس عن حقائق وحتى نظرتنا لهم تختلف باختلاف السبب والهدف الذي نتعامل معهم على أساسه أو الهدف من ذهابنا إلى بلادهم أو تعلم لغتهم، فحتى نكون منصفين علينا أن نحدد فعلاً الداء قبل أن نلعن المرض!
ثم إن موضوع المرأة في الغرب أو في الشرق وتحولها إلى سلعة إعلانية رخيصة فهذا لا تقع مسؤوليته على الرجل بل على المرأة التي ترضى أن تجعل من نفسها سلعة! هؤلاء النساء اللواتي وصفتهن اخترن أن يكن على هذا المستوى لكنك في نفس الوقت انظر بعين العدل تجد كثيرات من رموز المجتمع والقيادة وليس شرطاً أن تكون المرأة وزيرة أو رئيسة دولة لتؤثر! أخي الكريم أضرب لك مثالاً في أميركا امرأة سوداء عاشت حياة الفقر والهجرة من إفريقيا وعانت من التمييز العنصري الكثير وأسيء إليها في طفولتها ولكنها اليوم تؤثر في أميركا بأسرها والعالم أكثر من تأثير رئيس الدولة نفسها وكل قيادات الدولة! هذه المرأة إسمها أوبرا وينفري صارت من أهم نساء أميركا المؤثرات في المجتمع الأميركي. وكلامي هذا ليس تزلفاً لأحد ولا تملقاً ولا إعجاباً لكن الحق يجب أن يقال فبينما كثير من نسائنا للأسف تنفق عشرات الآلآف في الدولارات على فستان لتحضر به حفل زفاف تجد في العالم من ينفق أضعاف هذه المبالغ على الفقراء والمساكين والمشردين من فيضانات أو زلازل سواء كانت في بلدهم أو في اي بلد آخر في العالم مسلم أو غير مسلم، أسود أو أبيض أو اي لون خلقه الله تعالى!
أخي الكريم للأسف نحن نعيش حالة من الازدواجية بل انفصام الشخصية فلا نحن نقوم بواجباتنا كمسلمين ولا نحن عرفنا كيف نستفيد من النهضة العلمية والحضارات الأخرى! الله تعالى أخبرنا في كتابه (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) ثم حدد (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
وبما أننا أمة العدل والإنصاف حتى مع أعدائنا فيا ليتنا عندما ننتقد نكون عادلين أيضاً ومنصفين.
ثم اين هو هذا النموذج الإسلامي المشرّف الذي يتمنى كل البشر أن يحذوا حذوه؟! وقد ألمحت إلى هذا في مشاركتك لكن العلاج لا يكون فقط برفض مدارس اللغة ومحاربة تعلم اللغات الأجنبية.
وفقنا الله جميعاً لكل خير وجعلنا ممن يتشرف بهم الإسلام ويتشرفون بانتسابهم إليه بأية لغة دعوا ربهم وبأية لغة تكلموا.
وعذراً على الإطالة.
ـ[أحمد مرغم]ــــــــ[07 Aug 2010, 09:35 م]ـ
¥