هذا خبر من النبي الكريم، بأن الشيطان منشغل بنا، وبحرماننا من خيرات ربنا، لكن ببعض العزيمة وبعض الجهد، يتحقق النشاط، وتطيب النفس، وهو مطلب نفيس في واقعنا، أن يبدأ المسلم صباحه طيب النفس نشيطا ليس مكسبا عاديا، بل لو أحس المسلم بلذته واستطاع تذوقه لسعى إليه وحارب من أجله كل المعوقات.
والشيطان بوساوسه لا يستطيع شيئا كثيرا إلا مع ضعاف النفوس، أما من فقُه ألاعيبه ووُفق لمحاربته وقمع نوازع نفسه، استطاع بكل يسر وسهولة تجاوز هذه الوساوس الأمارة في النهاية بالسوء.
فإذا نهض المسلم من فراشه، اكتسب جولة من الشيطان، واستعد هو له للجولة الثانية المتمثلة في محاولة إرجاعه الى فراشه الوثير بدعوى خوف البرد أو أي عارض آخر.
وإذا توضأ واستعد للخروج الى الصلاة، اكتسب المسلم الجولة الثانية، ليستعد له العدو بمحاولة تأخيره عن الصلاة، أو إقناعه بالصلاة في البيت لحرمانه من صلاة الجماعة.
فإذا خرج إلى المسجد، سارع الى إلهائه أثناء قيامه بها بوساوسه، فإذا أداها، كسب المسلم الجولات الثلاث، ليصبح نشيطا طيب النفس.
2 - الصلاة في جوف الليل:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة ". [16] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn16)
نص من وصايا نبينا عليه الصلاة والسلام، يحدثنا عن أمر هام غاب عن أفعالنا، وتنوسي من عبادتنا، إنه الادلاج الى رب العزة بالليل والناس نيام، حيث يحصل العبد على تعجب الله من صنيعه.
فقد روى الامام أحمد عن ابن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: " عجب ربنا تعالى من رجلين: رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله
وحبه الى صلاته، فيقول الله عز وجل: انظروا الى عبدي ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله الى صلاته رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، ...... ". [17] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn17)
- وقال صلى الله عليه وسلم: " من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين". [18] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn18)
- وقال صلى الله عليه وسلم: " صلاة الرجل تطوعا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسا وعشرين ". [19] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn19)
- وقال صلى الله عليه وسلم: " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة الى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الاثم ". [20] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn20)
- وقال صلى الله عليه وسلم: " من استيقظ من الليل وأيقظ أهله فصليا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات". [21] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn21)
هذه بعض الإشارات الذهبية من النصوص النبوية التي فقه السلف الصالح أبعادها وقدرها، فعاشوا بها ولها، يناجون ربهم وله يسجدون، يرجون رحمته ومن عذابه يخافون، فاستمع معي أخي المسلم الى هذه الآثار من تراث أمتنا وسلفها الصالح.
-حكى أن غلاما بالبصرة اسمه صهيب كان يقوم الليل كله فقالت له سيدته إن قيامك بالليل يضر بعملك بالنهار فقال إن صهيبا إذا ذكر النار لا يأتيه النوم وقيل لغلام آخر وهو يقوم كل الليل فقال إذا ذكرت النار اشتد خوفي وإذا ذكرت الجنة اشتد شوقي فلا أقدر أن أنام". [22] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn22)
- وعندما توفي سيد الصوفية في عصره، وشيخ المربين الروحيين، الجنيد رحمه الله رآه بعض أصحابه في المنام فسأله عن حاله فقال له: " طاحت تلك الإشارات وعاينت تلك العبارات و فنيت تلك العلوم و نفدت تلك الرسوم و ما نفعنا إلا ركعات كنا نركعها عند السحر ". [23] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn23)
¥