عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا رجل كان يصومُ صومًا فليصمْه)) رواه مسلم، وكذا ورد في مسند أحمد
وورد في مصنف ابن أبي شيبة ومسند الطيالسي: برواية " رجلاً ".
المسألة الأولَى: [نقل أحد المؤلفين عن ابن يعيش أنه قال: (الفرق بين البدل والنصب في قولك: " ما قام أحدٌ إلاًّ زيدٌ "، أنك إذا نصبت جعلت معتمد الكلام على النفي، وصار المستثنى فضلة، فتنصبه كما تنصب المفعول به، وإذا أبدلته منه كان الكلام إيجابَ القيام لزيد، وكان ذكر الأول كالتوطئة)]
قال الزمخشري في " مفصَّله ": (والمشبَّه بالمفعول منها هو الأول، والثاني في أحد وجهيه، وشبهه به لمجيئه فضلة، وله شبهٌ خاص بالمفعول معه، لأنَّ العامل فيه بتوسُّط حرف) انتهى
يريد بالأول: " قامَ القومُ إلاَّ زيدًا "
وبالثاني: " ما جاءني أحدٌ إلاَّ زيد "
وجاء في شرح المفصَّل لابن يعيش:
(قوله: " والمشبَّه بالمفعول منها هو الأول ":
يريد المستثنى من الموجب، نحو قولك: " قامَ القومُ إلاَّ زيدًا "، لأنَّ الاستثناء جاء بعد ما تمَّ الكلام بالفاعل، كما يأتي المفعول كذلك، نحو قولك: " ضربَ زيدٌ عمرًا ".
قوله: " والثاني في أحد وجهيه ":
يريد به ما يجوز من النصب والبدل في المستثنى من المنفي التام، نحو قولك: " ما جاءني أحدٌ إلاَّ زيد "، فإنه يجوز فيه النصب على أصل الباب، وهو المشبَّه بالمفعول والبدل، والفرق بين البدل والنصب في قولك: " ما قام أحدٌ إلاَّ زيدٌ "، أنك إذا نصبتَ جعلتَ معتمد الكلام النفي، وصار المستثنى فضلة، فتنصبه كما تنصب المفعول به.
وإذا أبدلته منه كان معتمد الكلام إيجابَ القيام لـ" زيد "، وكان ذكر الأول كالتوطئة، كما ترفع الخبر لأنه معتمد الكلام، وتنصب الحال لأنه تبع للمعتمد، في نحو: " زيدٌ في الدارِ قائمًا ".
وقوله: " وله شبه خاص بالمفعول معه ":
يريد أنَّ الفعل كما لم يتعدَّ إلى المفعول معه إلاَّ بواسطة الواو وتقويته، كذلك " إلاَّ " تقوية للفعل قبلها، لا يتعدَّى إلى المستثنى إلاَّ بواسطتها، وليس واحدٌ منهما عاملاً فيما دخلا عليه) انتهى
ولنتأمَّل قول الحقِّ – سبحانه وتعالى: {ما فَعلُوهُ إلاَّ قليلٌ منهُم} سورة النساء 66.
قرأ ابن عامرٍ الشاميُّ بنصب {قليلاً}، وقرأ الباقون بالرفع، {قليلٌ}.
أما من نصب فقاس النفي على الإثبات، فإن قولك: " ما جاءني أحدٌ " كلام تام، كما أنَّ قولك: " جاءني القومُ "، كلام تام.
فلما كان المستثنى منصوبًا في الإثبات، فكذا مع النفي.
والجامع كون المستثنى فضلة جاءت بعد تمام الكلام.
وأما من رفع فالسبب أنَّه جعله بدلا من الواو في {فَعَلُوهُ}، وكذلك كل مستثنى من منفي، كقولك: " ما أتاني أحدٌ إلا زيدٌ "، برفع " زيد " على البدل من " أحد "، فيحمل إعراب ما بعد " إلاَّ " على ما قبلها.
فارتفع {قليلٌ} على البدل من " الواو " في {فعلوه} على مذهب البصريين.
وعلى العطف على " الضمير " على قول الكوفيين.
ونص النحويون على أن الاختيار في مثل هذا التركيب اتِّباع ما بعد " إلا " لِما قبلها في الإعراب، على طريقة البدل أو العطف، باعتبار المذهبين الَّذين ذُكِرا.
المسألة الثانية: (كيف يكون بدلاً وهو مثبت ومتبوعه منفي؟)
جاء في " شرح المفصَّل ":
(" ما جاءني أحدٌ إلاَّ زيد "، أو: " زيدًا "
في البدل فضل مشاركة ما بعد " إلاَّ " لِما قبلها، فكان أولَى.
وقال أبو العباس ثعلب: " كيف يكون بدلاً، و" أحد " منفي، وما بعد " إلاَّ " موجب؟
والجواب: أنه بدل منه في عمل العامل فيه، وذلك أنَّا إذا قلنا: " ما جاءني أحدٌ "، فالرافع لـ " أحدٌ " هو: " جاءني ".
وإذا لم نذكر " أحد "، وقلنا: " ما جاءني إلاَّ زيدٌ "، فالرافع لـ " زيدٌ " هو " جاءني أيضًا.
فكلُّ وحد من " أحد، وزيد " يرتفع بـ" جاءني " إذا أفردتَه.
فإذا جمعنا بينهما فلا بدَّ من رفع الأول بالفعل؛ لنه يتَّصل به، ويكون الثاني تابعًا له، كما يتبعه إذا قلتَ: " جاءني أخوكَ زيدٌ "، إذِ الفعلُ لا يكون له فاعلان.
¥