نعم، المثالان مختلفان، والسبب أنَّ هذا المثال اتَّضحت فيه الصورة جليَّةً لكونه لم يحتوِ على علَمين، بينما مثالنا – محل السؤال – يشتمل على علَمين، وهذا هو سبب تنافرهما.
مثالنا هو: (جاء محمد بنُ صالح):
صحيح أنَّ الذي جاء هو " محمد "، وهو الذي قام بالفعل، إلاَّ أنك لو اكتفيتَ بذكره ـ لفاتك الإيضاح والتخصيص.
لكن حين تتبعه بذكر " ابن صالح "، فقد أبنتَه وخصًّصته، وما زال الأمر مقبولاً بنيَّة إحلاله محل الأول، فتقول: (جاء ابنُ صالح).
وقد أشار ابنُ هشامٍ في " القطر ": (ويعرب بدل كل من كل، إن لم يمتنع إحلاله محل الأول)، وهنا لا يمتنع أن يحلَّ محلَّ المبدل منه.
ولذا عرَّف الكوفيون البدل بأنه: " الترجمة والتبيين "، فقد بيَّنتَ " محمدًا " بنسبته إلى " صالح ".
ويمكن أن يقال أنك أتبعتَ " محمدًا " بـ" ابن صالح " للبيان، ولهذا صحَّ أن تكون كلمة " ابن " عطف بيان لكلمة " محمَّد "، والأمر ظاهر جدًّا.
فالقول بإعرابها عطف بيان قول قويٌّ، وهو ما أشار إليه الأخ الفاضل / " الصدر "، زاده الله توفيقًا.
(كل شيء جاز إعرابه عطف بيان، جاز إعرابه بدلا، أعني بدل كل من كل)، قاله ابنُ هشامٍ في " شذور الذهب ".
بقي النظر في إعراب " ابن " نعتًا:
هو قول أكثر المعربين – كما أسلفت -، وفيه تجوُّز، ولكن النحويين أطلقوا عليها الوصف لأنها تفيد ما تفيد الأوصاف.
ألا ترى أن معنى " جاء محمد بنُ صالح "، إنما معناه: " جاء محمد المشهور ببنوَّة صالح "، فلمَّا كان المعنى معنى الصفات، جاز أن يطلق عليها أنها صفات اتساعًا لا حقيقة.
فالأقوال في المسألة ثلاثة، وكلها صحيحة، ولك أن تختار ما تراه مناسبًا مع قواعدك التي ترتكز عليها، ولا يلومك أحدٌ إذا استندت إلى دليل.
ختامًا، أرجو أن لا أكون قد زدتُ الأمر تعقيدًا، وألبستُ المسألة غموضًا.
وأسأل الله أن ينجليَ الغبار، فتزدان المعاني بصفائها، كما تزدان السماء بنجومها.
دمتَ متألِّقًا شامخًا، مع عاطر التحايا مقرونة بالودِّ والتقدير
ـ[أبو الحسين]ــــــــ[30 - 10 - 2004, 02:27 م]ـ
لو لم يكن لك إلا علمك لكفى.
ألجمتني _ والله ـ بلجام علمك، و أدبك، وتواضعك.
(أستاذي) كلمة تستحقها أنت لا أنا.
وأقولها حقيقةً لا مجازًا.
بارك الله فيك ونفع بك، أيها الفارس المرابط على ثغور لغتنا الحبيبة.
ـ[محمد الصالح]ــــــــ[30 - 10 - 2004, 04:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
لا أجد كلاما أعبر به عن اعتزازي بالإخوة المشاركين في الحديث
وأقول أنني أميل إلى إعرابها بدلا حيث أننا حين نقول: جاء محمد بن صالح فلم نعرف من محمد أو أي محمد هو المقصود فتأتي كلمة ابن لتكون هي المقصودة بالحكم ولإعتبار أن الإثنين شخص واحد
والله أعلم
وليست الأولى بأحق من الآخرة فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم / محمدصالح
ـ[الكاتب1]ــــــــ[30 - 10 - 2004, 04:56 م]ـ
لا إضافة لدي ولا تعليق وإنما شكر وإعجاب بما أبداه ألأستاذ " حازم " بارك الله فيه فقد شرح وأبان، وأزال
اللبس والإشكال ونقول له:
" أتعبت من بعدك ياحازم "