ذكر ذلك عباس حسن في النحو الوافي، حيث قال في معرض حديثه عن قوله تعالى: ( ... إلا قليل منهم) وشاهد آخر قال: " ... إن الآية والمثال وغيرهما مما وقع فيه المستثنى غير منصوب في الكلام التام الموجب إنما ورد صحيحا مطابقا للغة بعض القبائل العربية التي تجعل الكلام التام الموجب والتام غير الموجب متماثلين في الحكم يجوز فيهما إما النصب على الاستثناء وإما البدل من المستثنى منه وإما الرفع على الابتداء، ولا معنى للتأويل بقصد إخضاع لغة قبيلة للغة نظيرتها ... " اهـ
النحو الوافي لعباس حسن ط4، دار المعارف، مصر، ج2 ص330
والحقيقة أنه لم يسم القبائل لأن منهج الكتاب لا يهتم بذلك على ما يبدو، ولكنه أحال على كل من: (حاشية ياسين على التصريح شرح التوضيح)، (وحاشية الأمير على المغني)، (وحاشية الصبان).
ويؤسفني أن ما أحال عليه من الكتب ليس قريبا مني حتى أنقل ما يخص المسألة، ولعل من يستطيع من الإخوة ذلك يوافينا به مشكورا.
أما قول عباس حسن: "فلا معنى للتأويل بقصد إخضاع لغة قبيلة للغة نظيرتها ... " فأعتقد أن سببه التكلف الواضح في تأويل النحاة عند تخريج بعض الشواهد ..
ومن ذلك تخريجهم لمثل: وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان
على أن (إلا) بمعنى (غير) أي: (كل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه)
بشيء من التأمل نجده تخريجا متكلفا، إذ لو قُبل لما كان هناك قيمة للقول بوجوب نصب ما بعد إلا في الاستثناء التام الموجب .. ألا ترى أن جعل (إلا) بمعنى (غير) يمكن أن ينسحب على كل استثناء تام موجب، مثل: القوم رحلوا إلا زيدٌ (القومُ غيرُ زيدٍ رحلوا) وبذلك يصبح النصب جائزا لا واجبا!!
وأغرب من ذلك تضمين المثبت ما قبل إلا النفيَ في مثل:
وبالصريمة منهم منزل خلق ... عاف تغير إلا النؤيُ والوتدُ
فقالوا إن (تغير) بمعنى (لم يبق على حاله)!! وهذا فيه من التكلف الشيء الكثير؛ لأنه أمر بدهي!! فهل هناك مثبت لا يُتصور له نقيض منفي؟
أليس: سهرَ بمعنى لم ينم؟ أخفق بمعنى لم ينجح؟ وشقي بمعنى لم يسعد؟
وكذلك: لم ينم بمعنى سهر؟ لم ينجح بمعنى أخفق؟ ولم يسعد بمعنى شقي؟!!
ولو فتح باب التأويل على هذا النحو لاختلطت الأمور وأصبح مثل:
(اختفى اللصوص إلا لصا) من قبيل التام غير الموجب على معنى (لم يظهر اللصوص إلا لصا / لص).
ولأصبح مثل: (لم يحضر الطلاب إلا زيدا / زيد) من قبيل التام الموجب على معنى (غاب الطلاب إلا زيدا).
وعليه لا يكون لتأويلهم بتضمين ما قبل (إلا) النفي معنى مادام لكل مثبتٍ نقيضٌ منفي، ولكل منفي نقيض مثبت.
وإذا ما تم قبول معنى غير، وتضمين النفي أصبح القول بوجوب النصب مردودا لأن إلا يمكن أن تكون بمعنى غير، والمثبت يمكن أن يحمل على نقيضه المنفي.
هذا وتقبل محبتي ووافر احترامي.
ـ[أبو أسيد]ــــــــ[20 - 01 - 2007, 12:50 ص]ـ
السلام عليكم من يقنع الطلاب بهذا الكلام ربما صدق من قال انتم اهل العربية تستخدمون طريقة الترهيم
عذرا اخوتي لا اقصد التجريح ولكن هناك اشياء لو نقول عنها شاذة عن القاعدة ونسكت لكنا اكثر اقناعا
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[20 - 01 - 2007, 09:19 م]ـ
الأخ الأستاذ علي وفقه الله
العرب تلزم المستثنى في الكلام التام الموجب النصب فإن كان بعضهم يجيز الإتباع سلمنا لعباس حسن ما قال , وإلا فلا ..
وإذا كان النحاة بدءا من إمامهم إلى متأخري مجتهديهم كابن مالك لم يرووا هذه اللغة فأنى لأصحاب الحواشي المتأخرين جدا أن يرووها؟
وقولك:
ألا ترى أن جعل (إلا) بمعنى (غير) يمكن أن ينسحب على كل استثناء تام موجب، مثل: القوم رحلوا إلا زيدٌ (القومُ غيرُ زيدٍ رحلوا) وبذلك يصبح النصب جائزا لا واجبا!!
أخي الكريم لا يصح جعل (غير زيد) صفة للقوم، لأن القوم معرفة و (غير زيد نكرة)
واعلم أن ما ورد عن العرب مما جاء فيه المستثنى تابعا لما قبل إلا في الكلام الموجب هو وحده الذي يؤول أما كلامي وكلامك فلا يؤول وإنما نتبع عامة العرب كما روى عنهم الثقاة.
مع التحية الطيبة.
ـ[هيثم محمد]ــــــــ[20 - 01 - 2007, 09:38 م]ـ
أشكركم على التفاعل وأرى أن المسألة لم تحسم بعد
ـ[أبو طارق]ــــــــ[20 - 01 - 2007, 10:03 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلاً بالأخ الحبيب مدرس عربي , ومرحبًا بطلتك البهية
¥