و لعل علاقة اللغة النبطية بالعربية و قربها منها أوجد الإعراب في النبطية كما تؤيد ذلك النقوش التي عثر عليها. و قد ذهب Noldke المستشرق الألماني إلى أن النبط كانوا يستعملون الضمة في حالة الرفع و الفتحة في حالة النصب و الكسرة في حالة الجر، و لا يعقبون هذه الحركات بالنون.
و يرى المستشرق Lithmann أن أواخر الكلمات في اللهجة النبطية قد يحدث فيها تغيير بحسب موضعها في الإعراب. و للإعراب أثر في اللغة العبرانية يتبينه الباحثون في حالتي المفعول به و في ضمير التبعية.على أن هذا الأثر ضئيل جدا، فقد أوشكت تخلو من الإعراب لغة العهد القديم. غير أن علامة النصب في العبرية القديمة هي الفتحة الطويلة التي نشأ عنها حرف الهاء المتطرفة في هذه اللغة تشبه الألف اللينة، و من أجل ذلك تعامل معاملة أحرف العلة. و تظهر هذه في آخر الاسم المنصوب بنزع الخافض، كما تظهر في آخر الظرف المنصوب (ليلا) و تعني (ليل)، و (عتا) و تعني (حين). و كما تلحق هذه العلامة الظروف فإنها تلحق المصدر فينصب كما هي الحال في المفعول المطلق في العربية، و لكنها في هذه الحالة تكون متلوة بميم زائدة
(للتمييم) الذي يقابل التنوين في العربية مثال ذلك: (يومام) و تعني (يومًا)، و (حنام) و تعني: (مجانًا)، و المتتبع لشوارد النصوص في اللغة العبرية ربما وجد آثارا تشير إلى شيء يشبه الضمة و الكسرة لعلهما بقايا لضمة و كسرة كانتا مستعملتين في العبرية القديمة.
و يكاد يجمع المستشرقون على أن الإعراب ظاهرة سامية، فالمستشرق الألماني Bergstaesser يقول " إن الإعراب سامي الأصل تشترك فيه اللغة الأكادية و في بعضه اللغة الأثيوبية (الحبشية) و نجد آثارًا منه في غيرها ". على أن هؤلاء يعللون سبب وجود هذه الظاهرة فيرجعون ذلك لخلو اللغات السامية من إدغام للكلمات أي: وصل كلمة بأخرى لتتكون من كلمتين كلمة واحدة لها معنى مركب منهما كما في اللغات الآرية. ذكر هذا إسرائيل ولفنسون كما ذكره غيره. " فقه اللغة المقارن (ص: 118 - 120).
هذا ما وقفت عليه أستاذي الكريم، مع عميق اعتذاري لسعادة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن السليمان إذ تطفلت بهذا النقل و أنا في انتظار إفادته حفظه الله، نفعنا الله بعلمكم و بارك لنا فيكم.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[14 - 04 - 2009, 11:31 م]ـ
أخي الحبيب الدكتور أبا أوس حفظه الله،
أعتذر عن التأخر في الإجابة، ثم أصل الشكر والدعاء للأخت الفاضلة بل الصدى أكرمها الله على مشاركتها الرائعة. وما أوردته الفاضلة صحيح إلا أن القول (ويكاد يجمع المستشرقون على أن الإعراب ظاهرة سامية) يستعجم علي قليلا لأن الإعراب كما شرحه الدكتور أبو أوس موجود أيضا في الإغريقية واللاتينية والألمانية وغيرها. والحق يقال إن الإعراب مخصوص بطائفة من اللغات اصطلح علماء اللغات على وسمها باللغات التركيبية وهي اللغات السامية الحامية والهندية الأوربية. أما اللغات الأخرى فلا إعراب فيها.
وفي اللغات العروبية (السامية) ليس ثمة إعراب إلا في الأكادية (= البابلية) والعربية. وثمة آثار في اللغات الأخرى للحال وغيره لكن ليس فيها إعراب مطرد ولا شبه مطرد.
وفي المشاركة رقم 1 على الرابط التالي أمثلة للإعراب في الأكادية (= البابلية) والعربية:
http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?topic_id=76&forum=2
ولتذوق الإعراب في البابلية يرجى قراءة ما جاء في الرابط التالي خصوصا (شرح اللغة):
http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?topic_id=4326&forum=2
وهلا وغلا.
ـ[بل الصدى]ــــــــ[15 - 04 - 2009, 01:51 ص]ـ
سعادة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن السليمان حفظه الله
جزاكم الله خيرا أستاذي الفاضل على هذا العرض القيم، و الروابط الوافية المستقصية، نفعنا الله بعلمكم و بارك لنا فيكم.
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[16 - 04 - 2009, 03:28 ص]ـ
الأستاذ القدير د. عبدالرحمن
الأخت الفاضلة بل الصدى
بوركتما وأحسن الله إليكما وسأزود طالبي بما في المداخلتين لأني كلفته بحث الموضوع.