[مقدر أن يكون]
ـ[أبو شهاب]ــــــــ[04 - 02 - 2009, 10:01 ص]ـ
[مقدر أن يكون]
للكاتب القدير:
نمير بن سالم آل سعيد
صادفت العرافة أم هاشم فقالت: هذا مقدر أن يكون،
ستتعرض لطعنة سكين في بلد ليس ببلدك.
قلت: هل سأعيش؟! هل سأنجو؟!
واختفت أم هاشم دامعة ولم تجب.
ولكني لم أفهم كيف أسافر وأنا الموظف البسيط الذي لا تسمح ظروفه المالية بالسفر إلى أي بلاد، ولا أطمح إلا لاستلام الراتب في آخر كل شهر، لأنفقه على بيتي وأسرتي، لينتهي في اليوم الثالث عشر من الشهر، وأعيش باقي الأيام على الكفاف؛ انتظارا للراتب التالي، مع استحالة التفكير في السفر ولو لعدة أيام.
إذن لن ينغمد السكين في صدري، طالما أنا لست هناك خارج بلادي، وليتجمد حامل السكين في الغيب رافعا سكينه ليطعنني، فلن يجدني هناك حيث يبحث عني، أو ليضرب بسكينه في الهواء فأنا هنا في حدود بلادي.
ضحكت من نبوءة أم هاشم، وقلت: أم هاشم العرافة لا تعرف شيئا، لا بد أنها لا تعرف شيئا، ونسيتها.
وحين استلمت مذكرة بتعليق معالي وزير الوزارة الموقر بترشيحي للسفر لحضور دورة خارج البلاد، قلت: كيف تذكرني وأنا الموظف المنسي الذي تتقدمه عشرات الأسماء المرموقة التي تقفز إلى الذاكرة كلما توفرت دورة أو علاوة أو مكأفاة أو ترقية؟!، وكيف لشخص مثله أن يتذكر شخصا مثلي رغم كثرة مشاغله وتزاحم الأسماء في ذهنه.
تأملت ترشيح معالي الوزير مفتخرا (يرشح طالب آل عبدالسلام للدورة) عبارة بسيطة من عدة كلمات، ولكنها تمنحني تصريح غياب عن العمل، وتسلمني مبلغا من المال ليكون في حوزتي لمصاريف الفندق والإعاشة اليومية، ومبلغا لشراء تذكرة سفر تحملني راحلة إلى جانب آخر من العالم. وفرصة لم أحلم بها لرؤية دنيا جديدة، وشعور متفائل بأنني في الطريق الصحيح للترقي في الوظيفة طالما أعطاني معاليه فرصة تدريبية دولية للتطور في مجال العمل.
يالنفوذ الكلمة حين يخطها معاليه على أوراق رسمية. ونفذت التعليمات مستقلا الطائرة في سفر إلى بلد بعيده لا أعرف عنه شيئا.
في ساعات انتقلت إلى عالم جديد وظروف جديدة، استقبلني في المطار موظف العلاقات العامة الخاص بمركز التدريب، ثم انتظرت معه زميلا مشاركا في الدورة، قادما من بلد آخر. وحين وصل، خرجنا بالسيارة إلى المدينة في طريق بين منخفضات ومرتفعات إلى أن وصلنا إلى أحد الفنادق المحجوزة لنا فيها من مركز التدريب، على أن نتكفل بدفع النفقات، فأنزل السائق حقائبنا عند مدخل الفندق وذهب هو وموظف العلاقات العامة إلى شأنهما.
الحقيقه أن الفندق كان سيئا، فالحمامات عامة بالدور، والتليفزيونات باهتة الألوان بالغرف، والأسره مغبرة، والصراصير ترتع بالمكان، فلم نشأ تحمل هذه الظروف طالما نحن غير ملزمين بذلك؛ فاتفقت أنا وزميلي أن ننتقل فورا من هذا الفندق السيئ، ولا أعرف لماذا حجزوا لنا فيه دون غيره، على الرغم من خدماته السيئة وتجهيزاته الرديئة؟! ربما لأن مسئول مركز التدريب الدولي للتأهيل الحكومي يمتلك الفندق، فأرسلنا إليه، من منطلق "جحا أولى بلحم ثوره" وتفكيره بأن هؤلاء المتدربين بحاجة إلى سكن ولدي الفندق متوفر، فلماذا يذهبون إلى غيري ليستفيد منهم المال، مثل مسئول الإسكان الذي يرى بأن وزارته بحاجة إلى مبان فيؤجر منزله ومنزل أخوته وأبناء عمه بالسعر الذي يحدده، ليذهبوا هم للسكن في شقة صغيرة مؤجرة، إلى أن يبنوا بيوتاً أخرى من مبالغ الإيجار، أو مثل مسئول النقليات الذي يرى بأن وزارته بحاجة إلى إيجار سيارات فيفتح مكتبا لتأجير سيارات ويرسل طلبات التأجير إليه، أو مسئول المشتريات في الوزارة الذي يفتح محل بيع أثاث ويشتري أثاث الموظفين منه. (تسخير الوظيفة الحكومية لتحقيق أرباح تجارية خاصة) لعدم وجود آلية قانونية تضبط هذه العمليه ليدخلها في خانة الثراء غير المشروع.
¥