[قصة طالب مع مدرس]
ـ[الغدير]ــــــــ[17 - 02 - 2009, 12:12 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة مدرس مع طالب:
كان ياسر طفل التاسعة في الصف الرابع.وكنت أعطيهم حصتين في
الأسبوع .. كان نحيل الجسم.أراه دوماً شارد الذهن .. يغالبه النعاس
كثيراً .. كان شديد الإهمال في دراسته.بل في لباسه وشعره .. دفاتره
كانت هي الأخرى تشتكي الإهمال والتمزق!! حاولت مراراً أن يعتني
بنفسه ودراسته فلم أفلح كثيراً لم يجد معه ترغيب أو ترهيب!! ولا
لوم أو تأنيب!! ذات يوم حضرت إلى المدرسة في الساعة
السادسةقبل طابور الصباح بساعة كاملة تقريباً كان يوماً شديد
البرودة .. فوجئت بمنظر لن أنساه دخلت المدرسة فرأيت في زاوية
من ساحتها طفلين صغيرين قد انزويا على بعضهما .. نظرت من بعيد
فإذ بهما يلبسان ملابس بيضاء لا تقي جسديهما النحيلة شدة
البردأسرعت إليهما دون تردد وإذ بي ألمح ياسر يحتضن أخاه
الأصغر (أيمن) الطالب في الصف الأول الابتدائي.ويجمع كفيه الصغيرين
المتجمدين وينفخ فيهما بفمه ويفركهما بيديه
منظر لا يمكن أن أصفه وشعور لا يمكن أن أترجمه دمعت عيناي من
هذا المنظر المؤثر
ناديته: ياسر ما الذي جاء بكما في هذا الوقت
؟ ولماذا لم تلبسا لباساً يقيكما من البرد!! فازداد ياسر التصاقاً بأخيه
ووارى عني عينيه البريئتين وهما تخفيان عني الكثير من المعاناة والألم
التي فضحتها دمعة لم أكن أتصورها! ضممت الصغير إليّ فأبكاني
برودة وجنتيه وتيبس يديه أمسكت بالصغيرين فأخذتهما معي إلى
غرفة المكتبةأدخلتهما وخلعت الجاكيت الذي ألبسه وألبسته
الصغير أعدت على ياسر السؤال: ياسر ما الذي جاء بك إلى
المدرسة في هذا الوقت المبكر ومن الذي أحضركما!؟
قال ببراءته: لا
أدري السائق هو الذي أحضرنا!! قلت: ووالدك قال: والدي مسافر
إلى المنطقة الشرقيةوالسائق هو الذي اعتاد على إحضارنا حتى بوجود
أبي
قلت: وأمك!! أمك يا ياسر .. كيف أخرجتكما بهذه الملابس
الصيفية في هذا الوقت!؟ لم يجب ياسر وكأنني طعنته بسكين بدأ
ينظر إلى الأرض
ويقول:
أ ... أم ... أمي ... أميـ ... ثم استرسل بالبكى!! قال أيمن (الصغير):
ماما عند أخوالي!!!!!!
قلت: ولماذا تركتكم .. ومنذ متى!؟
قال أيمن:
من زمان .. من زمان!!
قلت: ياسر. هل صحيح ما يقول أيمن!؟
قال: نعم من زمان أمي عند أخوالي .. أبوي طلقها. وضربها .. وراحت
وتركتنا .. وبدأ يبكي ويبكي!!
هدأتهما .. وأنا أشعر بمرارة المعاناة
وبدأت أنا الآخر بالبكى ولكن حاولت أن أتمالك نفسي وأن أكظم ما
استطعت ولكي لايفقدان الثقة بأمهما قلت ولكن أمكما تحبكما .. أليس كذلك!؟
قال ياسر: إيه .. إيه .. إيه .. وأنا أحبها وأحبها وأحبها .. بس
أبوي!! وزوجته!!
ثم استرسل في البكاء!!
قلت له: ما بكما ألا ترى أمك يا ياسر!؟
قال: لا .. لا .. أنا من زمان ما شفتها .. أنا يا أستاذ ودي أشوفها لو
مرة تكفى ياأستاذ!!
قلت: ألا يسمح لك والدك بذهابك لها!؟
قال: كان يسمح بس من يوم تزوج ما عاد سمح لي!!!
قلت له: يا ياسر.
زوجت أبوك مثل أمك .. وهي تحبكم!!
قاطعني ياسر: لا .. لا. يا أستاذ أمي أحلى .. هذي تضربنا .. ودايم
تسب أمي عندنا!!
قلت له: ومن يتابعكما في الدراسة!؟
قال: ما فيه أحد يتابعنا ..
وزوجة أبوي تقول له إنها تدرسنا!!
قلت: ومن يجهز ملابسكما وطعامكما؟
قال: الخادمة ..
وبعض الأيام أنا!! لأن زوجة أبوي تمنعها وتخليها تغسل البيت!!
وأنا اللي أجهز ملابسي وملابس أيمن مثل اليوم!
اغرورقت عيناي بالدموع فلم أعد استطيع كظمه .. !
حاولت رفع معنوياته.
فقلت: لكنك رجل ويعتمد عليك!
قال: أنا ما أبي منها شيء!
قلت: ولماذا لم تلبسا لبس شتوي في هذا اليوم؟ قال: هي منعتني!! قالت: خذ هذي الملابس وروحوا الآن للمدرسة ..
وأخرجتني من الغرفة وأقفلتها!
قدم المعلمون والطلاب للمدرسة.
قلت لياسر بعد أن أدركت عمق المعاناة والمأساة
التي يعيشها مع أخيه: لا تخرجا للطابور
وسأعود إليكما بعد قليل
خرجت من عندهما ..
وأنا أشعر بألم يعتصر قلبي ..
ويقطع فؤادي!
ما ذنب الصغيرين!؟
ما الذي اقترفاه؟
حتى يكونا ضحية خلاف أسري .. وطلاق .. وفراق!!
أين الرحمة!؟
¥