تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[شرع الباري عز وجل]

ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 02 - 2009, 09:44 ص]ـ

شرع الباري عز وجل: الرحمة المهداة، فيه صلاح الأديان والأبدان، وعمار الدين والدنيا، وفلاح الأولى والآخرة، انتدب لتبليغه خير رسل السماء فنزل به على قلب خير رسل الأرض صلى الله عليه وعلى آله وسلم، شرع معصوم لا اضطراب فيه، شرع محفوظ لا تناله يد التحريف والتبديل والتعديل بالقص واللزق تبعا لتغير العقد الاجتماعي لأمة من الأمم، فما كان بالأمس حراما يصير اليوم حلالا تبعا للمستجدات الإنسانية التي تكون غالبا انحرافات أخلاقية تتواطؤ عليها المجتمعات المادية، وما تقنين الفواحش المغلظة في أمم الغرب إلا نتاج تنحية وحي الرحمن وتولية وحي الشيطان الذي ألقى إلى أوليائه استحسان القبيح وسن القوانين تقريرا له، بل: تحريضا عليه في أحيان كثيرة، بحجة: الحرية الفردية التي قدسها الغرب فصارت لذات الفرد العاجلة صنما يعبد من دون الباري عز وجل.

ذلك الشرع متعلق أنواع التوحيد الثلاثة:

فهو شرع من اتصف بصفات الكمال المطلق من علم أزلي بما يصلح الخلق، فكل صانع بصنعته أعلم، ولله المثل الأعلى، وحكمة بالغة، فيشرع لكل أمة ما يلائمها، فشريعة موسى عليه السلام: شريعة جلال لكسر رقاب بني إسرائيل القاسية قلوبهم، وشريعة المسيح عليه السلام: شريعة جمال لرفع بعض الآصار عن يهود وترقيق القلوب التي أصابها من القسوة ما أصابها وجلاء البصائر التي أصابها من العمى ما أصابها، وشريعة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: شريعة كمال فيها من الجمال والجلال ما تنشرح به صدور أتباع الملة، وتقر به أعين أهل السنة.

فإذا ثبت للباري، عز وجل، كمال الصفات والأفعال، أزلا وأبدا، ثبت له النوع الثاني من أنواع التوحيد: توحيد الربوبية، أو توحيده، عز وجل، بأفعاله الحكيمات، ومن ربوبيته: ربوبية التشريع، فإنه المربي لعباده بتشريع ما يصلح أحوالهم من الأحكام: أمرا ونهيا، فعلا وتركا.

فإذا تقرر ما مضى كان لزاما على العبد أن يمتثل شرع الباري، عز وجل، فيوحده في ألوهيته المتعلقة بأفعال العباد، فإذا كان هو الرب المتصف بكل كمال المنزه عن كل نقص، فإنه لا يسع المكلف الخروج عن أمره الشرعي، فإذا خرج عنه كان ذلك مئنة من انحلال عرى الإيمان، وإن كان مصدقا بقلبه، إذ القول لا ينفع صاحبه إلا بعمل يصدقه، وذلك أمر جار على الجماعات والأفراد، فإن دولة الإسلام:

دولة عامة تقيمها الجماعة المسلمة.

ودولة خاصة يقيمها العبد في خاصة نفسه ومن ولاه الله أمرهم، ولا قيام لدين الله، عز وجل، بغياب إحدى الدولتين.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير