تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من قوله تعالى: (وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا)

ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 02 - 2009, 07:28 ص]ـ

من قوله تعالى: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)

فظاهر الآيات أن الخلق حدث في ثمانية أيام، وهو ما يعارض قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)

وتلك من الشبه المتداولة التي قتلت بحثا، وإنما المراد هنا مجرد الإشارة:

فيقال إجمالا:

خلق الأرض متقدم، ومن ثم خلقت السماء، وبعد ذلك دحيت الأرض، مصداق قوله تعالى: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعًا لَكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ).

فقد خلقت الأرض في يومين، ثم جعلت فيها الرواسي وقدرت فيها الأقوات في يومين، فصار المجموع أربعة هي المنصوص عليها في قوله: (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ)، فليس جعل الرواسي وتقدير الأقوات في الأيام الأربعة، بل الأربعة: للخلق منها: يومان، وللتقدير: يومان، ومن ثم خلقت السماء في يومين فيكون المجموع ستة أيام.

والعرب تعرف ذلك في كلامها، ولسانهم فيصل في تلك المضائق إذ به نزل الكتاب العزيز، فيقول قائلهم: سرت إلى البصرة في عشرة أيام، وسرت إلى الكوفة في خمسة عشر يوما، فيكون مراده: أن الرحلة بأكملها استغرقت خمسة عشر يوما، عشرة إلى البصرة، وخمسة إلى الكوفة، فأجمل المدة، في آخر كلامه بإدخال العشرة الأولى في الخمسة عشر، فليست خارجة عنها ليقال بأن الرحلة استغرقت: 25 يوما، وإلى ذلك أشار الفخر الرازي، رحمه الله، بقوله:

"واعلم أن العلماء أجابوا عنه بأن قالوا المراد من قوله: {وَقَدَّرَ فِيهَا أقواتها فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} مع اليومين الأولين، وهذا كقول القائل سرت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام، وسرت إلى الكوفة في خمسة عشر يوماً يريد كلا المسافتين، ويقول الرجل للرجل أعطيتك ألفاً في شهر وألوفاً في شهرين فيدخل الألف في الألوف والشهر في الشهرين". اهـ

ونسب صاحب "فتح القدير"، رحمه الله، ذلك المثال تحديدا إلى الإمام أبي بكر بن الأنباري، رحمه الله، وهو إمام من أئمة اللغة الذين يفزع إليهم في تلك المضائق، فقال في "الفتح":

"قال ابن الأنباري: ومثاله قول القائل: خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام، وإلى الكوفة في خمسة عشر يوماً، أي: في تتمة خمسة عشر يوماً، فيكون المعنى: أن حصول جميع ما تقدّم من خلق الأرض، وما بعدها في أربعة أيام". اهـ

وبنحوه قال ابن عطية الأندلسي، رحمه الله، في تفسيره ونص كلامه: "وقوله تعالى: {في أربعة أيام} يريد باليومين الأولين، وهذا كما تقول: بنيت جدار داري في يوم وأكملت جميعها في يومين، أي بالأول". اهـ

وقال الطبري رحمه الله:

"وقال بعض نحويي البصرة: قال. خلق الأرض في يومين، ثم قال في أربعة أيام، لأنه يعني أن هذا مع الأول أربعة أيام، كما تقول: تزوّجت أمس امرأة، واليوم ثنتين، وإحداهما التي تزوّجتها أمس". اهـ

فليس لك بالأمس زوجة واليوم ثلاث زوجات.

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير