تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكيف يُحسن الظن به من يَظُن أنه لا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ولا يرضى ولا يغضب، وقد قال الله في حق من شك في تعلق سمعه ببعض الجزئيات وهو السر من القول:

(وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ) (فصلت: 23)، فهؤلاء لما ظنوا أن الله سبحانه لا يعلم كثيرا مما يعملون، كان هذا إساءة لظنهم بربهم فأرداهم ذلك الظن، وهذا شأن كل من جحد صفات كماله ونعوت جلاله ووصفه بما لا يليق به، فإذا ظن هذا أنه يُدخله الجنة كان هذا غرورا وخداعا من نفسه وتسويلا من الشيطان لا إحسان ظَنٍّ بربه، فتأمل هذا الموضوع وتأمّل شدَّة الحاجة إليه، وكيف يجتمع في قلب العبد فيوقنه بأنه ملاقي الله، وأن الله يسمع ويري مكانه ويعلم سره وعلانيته، ولا يخفى عليه خافية من أمره وأنه موقوف بين يديه، ومسئول عن كل ما عمل وهو مع ذلك مقيم على مساخطه مضيع لأوامره مُعطِّل لحقوقه وهو مع هذا يُحسن الظن به، وهل هذا إلا من خداع النفوس وغرور الأماني، وقد قال أبو

أُمامة بن سهل بن حنيف دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها فقالت: " لو رأيتما رسول الله في مرض له وكانت عندي ستة دنانير أو سبعة فأمرني رسول الله أن أفرقها قالت فشغلني وجع رسول الله حتى عافاه الله ثم سألني عنها فقال: (ما فعلت أكنت فرقت الستة الدنانير) فقلت: لا والله لقد شغلني وجعك قالت: فدعا بها فوضعها في كفه فقال: (ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده) وفي لفظ: (ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده) (رواه أحمد)

فيا لله ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله إذا لقوه ومظالم العباد عندهم، فإن كان ينفعهم قولهم حسَّنَّا ظنوننا بك لم يعذب ظالم ولا فاسق فليصنع العبد ما شاء، وليرتكب كل ما نهاه الله عنه وليحسِّن ظنه بالله فإن النار لا تمسه، فسبحان الله ما يبلغ الغرور بالعبد، وقد قال إبراهيم لقومه: (أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (الصافات: 86 - 87)

أي: ما ظنكم أن يفعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره، ومن تأمَّل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه، فإن العبد إنما يَحمِله على حُسن العمل ظنه بربه أن يُجازيه على أعماله ويثيبه عليها ويتقبلها منه فالذي حمله على العمل حسن الظن فكلما حَسُن ظنه حسن عمله وإلا فحسن الظن مع ابتاع الهوى عجز كما

في الترمذي والمسند من حديث شداد ابن أوس عن النبي: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله)، وبالجملة فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وإما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتى إحسان الظن، فان قيل بل يتأتى ذلك ويكون مستند حسن الظن سعة مغفرة الله ورحمته وعفوه وجوده وأن رحمته سبقت غضبه وأنه لا تنفعه العقوبة ولا يضره العفو، قيل: الأمر هكذا والله فوق ذلك وأجل وأكرم وأجود وأرحم، ولكن إنما يضع ذلك في محله اللائق به، فإنه سبحانه موصوف بالحكمة والعزة والانتقام وشدة البطش وعقوبة من يستحق العقوبة، فلو كان مُعَوَّل حسن الظن على مجرد صفاته وأسمائه، لاشترك في ذلك البر والفاجر والمؤمن والكافر ووليه وعدوه، فما ينفع المجرم أأسماؤه وصفاته، وقد باء بسخطه وغضبه وتعرَّض للعنته ووقع في محارمه وانتهك حرماته؟!

بل حُسن الظن ينفع من تاب وندم وأقلع وبدل السيئة بالحسنة واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة ثم أحسن الظن فهذا حسن ظن والأول غرور والله المستعان))

منقول.

بارك الله فيك أخيتي ونفع بك.

ـ[ديمة الله]ــــــــ[25 - 02 - 2009, 08:41 م]ـ

جزيتم الجنة ...

شكرا علي طيب مروركم

ـ[فوّاز30]ــــــــ[25 - 02 - 2009, 11:39 م]ـ

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يقول الله تعالى: (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة).

ـ[سما الإسلام]ــــــــ[26 - 02 - 2009, 12:09 ص]ـ

جزاكم الله الجنة

ـ[ديمة الله]ــــــــ[20 - 08 - 2009, 06:38 م]ـ

جزيتم الجنة

شكرا علي طيب المرور

ـ[عبد الرحيم12]ــــــــ[24 - 08 - 2009, 01:00 ص]ـ

[ QUOTE= ديمة الله;322519]

فَإنْ تَنجُ مِنْهَا تنج مِنْ ذي عَظِيمَةٍ ..... وَإلاَّ فإني لاَ أخالك نَاجِيَاً

[ right][font="comic sans ms"][size="5"] قال ابن القيم -رحمه الله-:

[ color="navy"]" فأكثر الخلق، بل كلهم إلا مَن شاء الله يظنون باللهِ غيرَ الحقِّ ظنَّ السَّوْءِ، فإن غالبَ بني آدم يعتقد أنه مبخوسُ الحق، ناقصُ الحظ وأنه يستحق فوقَ ما أعطاهُ اللهُ، ولِسان حاله يقول: ظلمني ربِّى، ومنعني ما أستحقُه،

بسم الله الرحمن الرحيم

الاخ العزيز هل يتناقض ان يكون الانسان يظن انه يعمل في عمل اقل من مستواه العلمي و الرضى على الله.

وجزيت شكرا

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير