تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذه نظرة قاصرة فإن موت الإنسان قد يكون إحياء لدعوة إذ تظل حية في أذهان الناس، وهذا ما فعله الغلام في قصة أصحاب الأخدود الذي طلب من الملك أن يصلبه ويجمع أهل البلدة، ومات الغلام في سبيل القضية وآمن أهل البلدة أجمعون.

ثالثاً: عدم الرضوخ لما يسمى بسياسة الأمر الواقع: هذه التسمية «الممكن .. المتاح .. الواقع .. » إنما هي ستار لتضييع الحق وتكريس الظلم فتحت هذه العناوين ينجح البطش في سلب هذه الحقوق من أصحابها بسبب ضعفهم وعدم قدرتهم على رد العدوان. لقد رأينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في وقت تحتاج فيه الأمة الإسلامية إلى أن تنظر في اتجاه واحد وألا تفتح على نفسها مزيداً من الجبهات يأتيه كتاب «مسيلمة كذاب اليمامة». يقول فيه: «من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ... أما بعد .. فإن الأرض بيني وبينك قسمتين» فيرد النبي (صلى الله عليه وسلم) عليه بمنتهى القوة والوضوح: «من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب .. أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده».

إن أصحاب سياسة الأمر الواقع يقولون بتبجح غريب: وماذا نملك نحن لنفعل حيال الأمر القائم؟ نقول لهم بوضوح: افعلوا أي شي ء تستطيعون .. وأقل ذلك إنكار الظلم وعدم الاعتراف بشرعيته ... ولو انتهت حياتكم على ذلك فكفى .. فسيأتي جيل في المستقبل لاسترداد الحق. كما نقول لهم: ليس منكم من هو أمين على المستقبل فإنه ملك الأجيال القادمة فلا تورثوهم الخزي والعار بالاستسلام لعدوكم. وهاكم مثلاً: لقد ظلت مصر محتلة لمئات السنين، فلو فرضنا أن أحد أهل مصر نادى بسياسة الأمر الواقع وساوم المحتل الفرنسي أو الإنجليزي على جزء من أرض مصر فماذا يكون حكم التاريخ على مثل هذا؟ لسنا ندري كيف نواجه أبناءنا إذا سألونا عن حيفا ويافا، وعكا، أهي أرض إسلامية عربية أو يهودية؟ إن الواجب يفرض على كل مسلم أن يعلم أبناءه أبعاد القضية، وأن يحدثهم عن الحق في أرض فلسطين بصفة عامة والقدس بصفة خاصة، وأن يلقنهم ذلك كما يلقنهم فقه الحياة وأسباب المعيشة. رابعاً: عدم المبالغة في قوة العدو: اعتمدت الصهيونية على الدعاية المكثفة لرسم الأساطير والخرافات بقوة وبطش الجيش اليهودي، كما كانوا يقولون لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد بدر: «لا يغرنك أنك قاتلت قوماً لا علم لهم بالقتال .. فإنك إن قاتلتنا علمت أننا نحن الرجال». وهكذا تردد على الألسنة مقولة: «الجيش الذي لا يقهر» ومن قوة الدعاية صدق الكل هذه الأكذوبة، بل أسهم الخيال المريض والعجز الذي تعاني منه الأمة الإسلامية في تكريس هذه الصورة وإضفاء مزيد من البريق عليها.

والدليل على ذلك المواجهة التي دامت سنوات طويلة بين رجال المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان وبين الجيش اليهودي، وفر اليهود كالفئران وطلبوا من الأمم المتحدة حمايتهم.

وليس أدل على جبنهم أيضاً معركة الفرقان على أرض غزة العزة، حيث كان يحاربون من وراء جدر دباباتهم وطائراتهم خوفاً من المواجهة المباشرة مع أبطال المقاومة في غزة هاشم وفي نهاية المطاف انسحبوا مهزومين لم ينالوا خيراً وعادوا خائبين يجرون ورائهم أذيال الخيبة والعار.

رابعاً: استثمار ما نملك من قوة لخدمة القضية: فإن كنا من أصحاب الكلمة نستثمرها لنوصل الفكرة إلى كل من يسمعها ..

وإن كنا من أصحاب الأموال قمنا بتجنيدها في خدمة هذه القضية.

وكل ما سبق هو إعداد للساعة القادمة الحاسمة، القادمة حتماً .. وهي قضية المواجهة، فعلى كل مسلم أن يعد نفسه ليكون على أول قائمة المجاهدين الطامعين في أمكنة الشهداء. تحرير القدس كهدف استراتيجي كيف يتحقق؟! أولاً إصلاح النفس والمجتمع: يبدأ الطريق بصلاح النفس، وإصلاح المجتمع .. فلقد وضع الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم قانونا من قوانينه التي لا تتبدل وسنة من سننه التي لا تتغير، أن إصلاح النفس يتبعه تغيير المجتمع، قال سبحانه وتعالى: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» الرعد/11.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير