تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبينما هو بين عامل الشفاء مرة، وبين عامل تراكم الأمراض أخرى إذ أصيب بمرض ذات الرئة في أواخر شهر رمضان سنة 1342هـ، فتوفي منه ـ رحمه الله تعالى ـ ظهر اليوم الرابع، تذرف دمعاً حتى امتلئت الطرق، والشوارع فغسله المرحوم العلاَّمة الشيخ عبد الوهاب أفندي النائب وحمل النعش على الرؤوس فكان المشيعون ألوفاً، فعبر به الجسر حيث دفن في مقبرة الشيخ جنيد البغدادي فلما وضع على الأرض امتد الناس وصلت عليه جماعتان كبيرتان، كما صلت عليه جماعة كبيرة جداً في فسحة أرض مقبرة الشيخ معروف الكرخي، وكانت الصحراء تموج بالناس موجاً، والكل يثني عليه، ويترحم له، طيَّب الله ثراه، وجعل الجنة مثواه، وخير كلمة يقولها العبد عند هكذا مصاب إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم أقيمت له حفلة عزاء في داره، وقرئت له الختمات كما أقيمت له حفلة تأبينية في جامع الحيدر خانة انبرى فيها أعاظم الشعراء، وكبار الأدباء ونعته الصحف الشرقية جميعاً، وعزى أسرة [المترجم له] الملوك والأمراء، من سائر البلاد النائية، وقد جاء على ذلك وأثبته المفضال الشيخ محمد بهجت الأثري في كتابه أعلام العراق، وخلاصة العراق فقد كان أصلب العلماء دينا وأكثرهم تقى، وأغزرهم مادة، وأكثرهم علماً، كان جواداً رحيماً شفوقاً غيوراً يحسن إلى من أساء إليه كان عظيماً مهاباً، [لبقاً] كريم النفس عفيفاً، طاهر الذيل، كان واحد صقعه، ومفرد عصره، .... كان في جبهة المجد وكوكباً لامعاً غنياً عن الوصف بالشهرة، كان قلباً والمكارم له جثمان، وإنسان عين الأعيان، وعلماء الزمان" ([5])، ([6])، ([7]).

حرص الشهاب الآلوسي (الجد صاحب روح المعاني) على العلم، ونصيحته لابنه

قال الأستاذ إبراهيم الدروبي:" وبخط السيد محمود الآلوسي ـ يعني المفسر صاحب روح المعاني ـ مئات من الكتب منها كتاب حاشية المطول لعبد الحكيم والسيد الشريف، وقد عثرنا عليه في مخطوطات المكتبة القادرية، ورقمه في المكتبة 432، وقد كتب المرحوم الآلوسي بخط يده على ظهر المخطوط ما نصه حرفياً:" عبد الحكيم على المطول، والسيد شريف وهو أحسن الحواشي وأتمها كما يظهر ذلك للناظر المنصف، وهو من عوادي الزمان عندي، وأنا الفقير إليه عزَّ شأنه محمود الآلوسي، ثم كتب بذيله بخط يده أيضاً تحت عنوان نصيحة من السيد محمود إلى ولده عبد الباقي مؤرخة سنة 1252هـ، وهذا نصها: " يا ولدي إني حين أردت الشروع في قراءة المطول، لم تكن نسخة عندي فذهبت لاستعارتها من المرحوم خليل أفندي الرحبي المفتي السابق ببغداد، فاستغرب لصغر سني قراءتي المطول مع مزيد سروره ـ رحمه الله تعالى ـ فوعدني بنسخة ادعى أنه قرأ بها، فأتيت والدي ـ عليه الرحمة ـ وطلبت منه كاغداً أكتب فيه حواشي عبد الحكيم، فأعطاني ثمن طبقتين، فقلت له:" يا أبت الكتاب يحتاج أكثر من ذلك وألححت عليه فحلف لا يعطيني أكثر من ذلك، مع عدم تهيؤ أسبابه فبعث غلالة لي بثلاثة قروش ونصف، واشتريت بذلك كاغداً، وكان الوقت شتاء، فمرضت من شدة البرد، وعدم ما يقوم مقام الغلالة، وأنا أشكر الله تعالى الآن كما ينبغي له سبحانه على أن وسع علي بما هو جل شأنه أهله، وإنما ذكرت ذلك لك يا ولدي لترى نعمة الله تعالى عليك إذ كنت غير محتاج إليه، وتصبر كما صبرت، وتشتغل بالعلم كما اشتغلت، انتظر فضل الله كما انتظرت إن كنت محتاجاً لنحو ما كنت محتاجاً إليه، فلعل الله سبحانه وتعالى أن يمن عليك كما منَّ عليّ، والله تبارك وتعالى ذو الفضل العظيم.

حرر في شوال سنة 1252هـ .................................. محمود الآلوسي ([8]).

دفاع الأستاذ يونس السامرائي عن أبي المعالي الآلوسي

قال الأستاذ يونس السامرائي:"وقد ذكر أحد الفضلاء عند ترجمته للأستاذ محمود شكري بأنه كان قد عمل بالتقية عندما شرح القصيدة الرفاعية لأبي الهدى الصيادي)، أقول: إن الإمام أرفع بكثير عن هذه الأمور فقد كان صلب الرأي معروفاً بالاستقامة والعفة، فعندما احتلت بغداد جاءه الأب انستاس الكرملي يحمل له خمسمائة ليرة ذهب هدية من الحاكم العسكري الإنكليزي فأبى أن يقبلها، وكان بأمس الحاجة إليها، مما يدل على ترفعه وعلو شأنه وأنه لم يداهن، ولم ينافق، وقد طلبه الملك فيصل الأول ملك العراق السابق فأبى أن يقابله إلا بعد إلحاح شديد، ولم يقبل أي هدية منه، أو منصب، فهل يصدق أحد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير