تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" ...... وكان من آثار استحسان الناس لكتابه وعنايتهم به أن تصدى لترجمته إلى اللغة التركية أديبان من أعاظم شعراء العراق، وكتَّابه، وكلاهما من خلصان المؤلف وأصفياء مودته ومكبري قدره، وهما عبد الحميد بك الشاوي الحميري، وأحمد عزة باشا العمري الموصلي، وقد حمل الأول على الترجمة سرّى باشا الكريدي والي بغداد من فرط إعجابه بالكتاب، فترجم طرفاً منه، وسمى ترجمته:" منتهى الطلب في ترجمة بلوغ الأرب" ونشر مقدمته في جريدة الزوراء، ثم عاقته المنية عن إكماله، أمَّا أحمد عزة باشا العمري، فالمظنون أنها صارت طعمة نار شبن بداره في استنابول" ([22]).

السر في عدم إثبات المصادر في المصنفات القديمة

وتعليق الأثري على بلوغ الأرب

قال الأستاذ السامرائي:" لم يكن في طريقة أهل العلم في عصر السيد الآلوسي أن يثبتوا مصادرهم وتعليقاتهم في أسفل كل صفحة، وذلك اعتماداً على أن الذي يتصدى للعلم ويبلغ فيه المرتبة العليا، ويتصدر للإقراء والتدريس، هو ثقة فيما يقول ويكتب، ومن هنا فهو يستوعبها، ويفسرها، ويشرحها ويضيف إليها، على أنه قد تلجئه ضرورة أن يشير إلى مصادره إما شرحاً وإضاءة، وإما نقداً أو إنكاراً، وكأن الأستاذ الأثري قد أدرك أن " الكتاب " محتاج إلى* فوائد، لذلك مضى إلى التعليق عليه وتوشيته بشروح مفيدة ([23]).

أمة العرب متقدمة في الفضائل والمآثر على سائر الأنواع والأجناس

يقول العلاَّمة محمود شكري الآلوسي:" لا يخفى على من عرف أحوال الأمم، ووقف على ما كان عليه أجيال بني آدم، أن أمة العرب على اختلافها، وتفاوت أصولها وأصنافها كانت ممتازة على غيرها من الناس، متقدمة في الفضائل والمآثر على سائر الأنواع والأجناس، فإنَّ الله ـ تعالى ـ قد شرّفها برسوله، وفضلها بتنزيله، وخصّها بالخطاب المعجز، واللفظ البليغ لموجز، والسؤال الشافي، والجواب الكافي، فالعرب أمراء الكلام، ومعادن العلوم والأحكام، وهم ليوث الحرب، وغيوث الكرب والرِفد في الجَدْب، وهم أهل الشيمة والحياء، والكرم والوفاء، والمروءة والسخاء، أحكمتهم التجارب، وأدبتهم الحكمة فقضوا منها المآرب، ذلَّت ألسنتهم بالوعد، وانبسطت أيديهم بالإنجاز، فأحسنوا المقال، وشفعوه بحسن الفعال، ولبسوا من المجد سندسي الطراز، يغسلون من العار وجوهاً مسودة، ويفتحون من الرأي أبواباً منسدة، كأن الفهم منهم ذو أذنين، والجواب ذو لسانين، يضربون هامات الأبطال، ويعرفون حقوق الرجال، إلى أن تلاعبت بهم يد الأقدار، وتفرقوا في أقصى الأنحاء والأقطار، ... " ([24]).

موقف الإمام العلاَّمة محمود شكري الآلوسي من التعريب

قال السيد ـ رحمه الله ـ:" وقد سمعت بعض من لا خلاق لهم من الناس ادّعى أن لغات الإفرنج اليوم أوسع من لغة العرب بناء على ما حدث فيها من ألفاظ وضعوها لمعان لم تكن في القرون الخالية، والأزمنة الماضية، فضلاً عن أن تعرفه فتفوه به، أو تتخيله فتنطق به، ولا يخفى عليك أن هذا الكلام يشعر بعدم وقوف قائله على منشأ السعة، وأنه لم يخض بحار فنون اللغة حتى يعلم أن المزية من أين حصلت، وأما ما ذكر من أن مفردات العربية غير تامة بالنظر إلى ما استحدث بعد العرب من الفنون والصنائع مما لم يكن يخطر ببال الأوّلين، فهو غير شينٍ على العربية، إذ لا يسوغ لواضع اللغة أن يصنع أسماء لمسميات غير موجودة، وإنما الشين علينا الآن في أن نستعير هذه الأسماء من اللغات الأجنبية مع قدرتنا على صوغها من لغتنا، على أن أكثر هذه الأسماء من قبيل اسم المكان، أو اسم الآلة، وصوغ اسم المكان والآلة في العربية مطرد من كل فعل

ثلاثي فما الحاجة إلى أن نقول: فبريقة أو كرخانة، ولا نقول: معمل أو مصنع، أو أن نقول: بيمارستان، ولا نقول مستشفى، أو نقول: ديوان، ولا نقول: مأمر، أو نقول: اسطرلاب، ولا نقول: منظر.

والعرب اليوم بخسوا اللغة حقها، فإنهم عدلوا عنها إلى اللغات العجمية من غير سبب موجب، فإن كان من يستعير ثوباً من آخر وهو مستغن عنه، يُحكم عليه بالزيغ والبطر، وإذا اعترض أحد بأن دخول الألفاظ الأعجمية غير منكر، وأن كل لغة من اللغات لابد أن يكون فيها دخيل، فاللغة هي بمنزلة المتكلمين بها فلا يمكن لأمةٍ أن تعيش وحدها من دون أن تختلط بأمّةٍ أخرى، فإن الإنسان مدني بالطبع، أي محتاج في تمدنه إلى الاختلاط مع أبناء جنسه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير