تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والجواب: إن هذا الدخيل إنما يغضى عنه إذا لم يوجد في أصل اللغة ما يرادفه، أو لم يمكن صوغ مثله، فأما مع وجود هذا الإمكان فالإغضاء عنه بخس لحق اللغة لا محالة، وإلاّ لزم المستعربين أن ينطقوا بالباء أو الكاف الفارسيتين، أو أن يقدموا المضاف إليه على المضاف، وهناك وجه آخر في العربية لصوغ ألفاظ تسد مسد الألفاظ الأعجمية التي اضطررنا إليها، وهو " باب النحت ": قال ابن فارس في" فقه اللغة " ([25]): العرب تنحت من كلمتين كلمة واحدة، وهو جنس من الاختصار، وذلك كقولهم:" رجل عبشمي" منسوب إلى اسمين وهما عبد شمس.

وأنشد الخليل:

أقول لها ودمع العين جار *-*-*-* ألم تحزنكم حيعلة المنادي

من قولهم: حَيَّ على كذا ............................................... ..................

وهذا مذهبنا في أن الأشياء الزائدة على ثلاثة أحرف أكثرها منحوت مثل قول العرب للرجل الشديد " ضَبْطر " ثلاثة أحرف أكثرها من " ضَبَطَ"، و" ضَبَر".

وفي قولهم " صَهْصَلٍقْ" ([26]) إنه من " صَهَل " و " صَلَق"، وفي " الصِلدِم " إنه من " الصلد "، و" الصدم " إلى آخر ما قال مما يدل على أن اللغة العربية أحسن اللغات صيغاً وأساليب وأتمها وأكملها نسقاً وتأليفاً مع تسويغ استعمال النحت عند اقتضاء الضرورة، ولو أن العرب الأولين شاهدوا البواخر وسكك الحديد وأسلاك التلغراف والغاز والبوستة، ونحو ذلك مما اخترعه الإفرنج لوضعوا له أسماء خاصة ناصة فهم على هذا غير ملومين: وإنما اللوم علينا حالة كوننا قد ورثنا لغتنا وشاهدنا هذه الأمور بأعيننا ولم ننتبه لوضع أسماء لها على النسق الذي ألفته العرب وهو الاختصار والإيجاز، " وأما العمل " فإن مبناه على الأخلاق والغرائز المخلوقة في النفس وغرائز العرب أطوع للخير من غيرهم، فهم أقرب للسخاء والحلم والشجاعة والوفاء والغيرة، وغير ذلك من الأخلاق المحمودة ".

تعليق: هذا هو موقف السيد الآلوسي من التعريب، وقد كان ذاك قبل ما يقرب من مئة عام.

ولكننا ما زلنا نتكلم في ضرورة التعريب، وإن فيما حاجة إلى إكثار اللجاج للرد على خصوم التعريب من المختصين العرب، وغيرهم ([27]).


[1]- إبراهيم السامرائي، السيد محمود شكري الألوسي وبلوغ الأرب، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1412/ 1992م، ص 7 ـ8.
[2]- إبراهيم السامرائي، السيد محمود شكري الألوسي وبلوغ الأرب، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1412/ 1992م، ص 8.
[3]- أعلام عرب محدثون للأستاذ نقولا زيادة ص 167 ـ 168، ط. الأهلية للنشر والتوزيع، بيروت 1994م.
[4]- مجلة المجمع العلمي بدمشق (4/ 480)
[5]- لب اللباب، لمحمد بن صالح السهروردي، ص 223 ـ 224، ط. دار المعارف، 1351/ 1933م.
[6]- تاريخ علماء بغداد في القرن الرابع عشر الهجري ص (623)، يونس السامرائي، مطبعة وزارة الأوقاف والشئون الدينية، العراق
[7]- نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر، المرعشلي، ص 1553، ج2، ط. دار المعرفة بيروت، لبنان.
[8]- البغداديون أخبارهم ومجالسهم، ص (28ـ29)، إبراهيم الدروبي، طبع في مطبعة الرابطة بغداد، 1377هـ
[9]- تاريخ علماء بغداد في القرن الرابع عشر الهجري ص (24)، يونس السامرائي، مطبعة وزارة الأوقاف والشئون الدينية، العراق.
[10]- إبراهيم السامرائي، السيد محمود شكري الألوسي وبلوغ الأرب، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1412/ 1992م، ص10.
[11]- إبراهيم السامرائي، السيد محمود شكري الألوسي وبلوغ الأرب، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1412/ 1992م، ص10.
[12]- قلت: وهي مثل كلمة قومس التي عُرِبت من (كومس)، وهي: كورة كبيرة بها مدن، وقرى بين الري ونيسابور، قصبتها دامغان، قال أبو تمام في مخلص قصيدة يمدح بها عبد الله بن طاهر ذي اليمنيين الخزاعي:
يقول في قومِسٍ صحبي وقد أخذت *-*-*-*-* منا السرى وخطا المهرية القودِ
أمطلع الشمس تبغي أن تؤمَّ بنا *-*-*-*-* فقلت كلا ولكن مطلع الجود
(انظر؛ أنوار الربيع في أنواع البديع، لابن معصوم المدني، مكتبة العرفان ـ بكربلاء ـ العراق ـ 1968م، ت: شاكر هادي شكر، 3/ 145)
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير