تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم عمل عضوا في المحكمة العليا، ثم انتقل إلى "مجلس الاستئناف" الذي كانت مهمته تصفح الأحكام الشرعية الواردة من القضاة، إما لتصحيحها أو نقضها، أو للأمر بتتميم ما بها من نقص، وكان المجلس يومئذ ذا رونق واعتبار، به جلة من العلماء المنتقين من المغرب (2).

ثم عين عام 1350 قاضيا في منطقة وادي زَمْ (بتغليظ الزاي والميم)، وخريبكة، وبمدينة "الجديدة" قرب الدار البيضاء، وذلك عام 1348، ومنها إلى منطقة "شَرَاكَة" وأولاد عيسى ناحية فاس.

وفي هذه الفترة قام بتدريس التفسير، وصحيح البخاري بجامع القرويين الأعظم بفاس، عمره الله تعالى بذكره، وازدحم عليه طلبة العلم وغيرهم، مما تسبب في منع الاستعمار له من إتمام التدريس به خشية أن يهيج الناس ضد الاستعمار بأفكاره التحريرية (3).

وقد كان أخبرني نجله الأستاذ الحسن السائح رحمه الله، بأن السبب في التفاف طلبة العلم والعلماء على والده الفقيه السائح رحمه الله، هو جدنا الإمام محمد المنتصر بالله الكتاني رحمه الله تعالى، ذلك أنه وجده في جامع القرويين لا يعرفه إلا خاصة الخاصة، وكان على علم مسبق به وبعلمه، لعلاقته القريبة من العائلة الكتانية، فنادى طلبة العلم وحض الشباب عليه، فاجتمعوا إليه من كل حدب وصوب، خاصة النبغاء ورواد الحركة الوطنية، الذين كانوا متعطشين لكل جديد.

ثم انتقل إلى قضاء مقصورة الرصيف بفاس عام 1355، وكان في ذلك محل العالم النزيه في مختلف أحكامه.

وفي عام 1366 سافر لحج بيت الله الحرام، وعند عودته شعر بوعكة صحية طلب إثرها الانتقال من فاس إلى مكناس، فانتقل قاضيا بها إلى أن وافته المنية رحمه الله تعالى. ( ... يتبع)


(1) مصادر الترجمة: "الشيخ الواعية محمد بن عبد السلام السائح". تأليف عبد الله الجراري. "إتحاف المطالع بوفيات القرن الثالث عشر والرابع" (2/ ++) تأليف عبد السلام ابن سودة، "سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل اكمال" رقم 158، "إتحاف ذوي العلم والرسوخ بتراجم من أخذت عنه من الشيوخ" ص193، تأليف محمد بن الفاطمي ابن الحاج السلمي. "الأعلام" (6/ 6)، خير الدين الزركلي. "معجم المطبوعات المغربية" (151)، إدريس بن الماحي القيطوني، "معلمة المغرب" (14/ 4831). بقلم الأستاذ عبد الإله الفاسي.
(2) الجراري ص37.
(3) المصدر السابق.

ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[18 - 10 - 05, 05:44 ص]ـ
دروسه:

أما دروسه؛ فقد كان يأتي فيها من كل فن بطرف، وقد وصفها العلامة المنوني بقوله: "كل هذه العلوم كان الفقيد – رحمة الله عليه – يقرر مسائل كثيرة منها في دروسه بالقرويين، التي كانت جنة علم قطوفها دانية، وحديقة عرفان: حفظ باهر، واطلاع واسع، وتطبيق للقواعد تطبيق العالم الخريت، وتحقيق وتدقيق، في عبارة رشيقة، وأسلوب سهل سلس، حيث إن الشيخ - روّح الله روحه – كان يميل إلى التيسير في سائر أموره ... " (1).

ووصفها ابن الحاج في مشيخته ص136 بقوله: "كانت تلك الدروس مملوءة بالفوائد الممتعة، والقواعد المحررة، والطرائف البديعة. وكان يستحضر كثيرا من الأبيات والمقطوعات الشعرية، والشواهد العلمية، وكان فصيح اللسان، حلو العبارة، مليح الإشارة، وكان لتعبيره رنة موسيقية ونغمة عذبة، خصوصا عند تلاوة بعض الآي القرآنية التي كان يفسرها، وكانت مجالسه العلمية تغص بالطلبة النجباء المستفيدين، وتكتظ بالعامة المتعطشة لالتقاط درره البهية، وفرائده الغالية، وجواهره الثمينة ... ".

ووصفها العلامة عبد الله الجراري بقوله: "كانت خطته في تدريس السنة تهدف في طريقها خطة شيخه الحافظ [أبي شعيب الدكالي]، يبتديء عقب شرح الترجمة بتعريف قريب ببعض الرواة، خاصة صحابي الحديث، وهنا يمتزج ذلك بما تدعوا إليه قواعد الفن ومصطلحاته، موردا شواهدها من ألفية العراقي، وعند الاقتضاء: بما يؤثر عن صحابي السند أو بعض رواته من واقعة تاريخية، أو نكتة أدبية شعرية أو نثرية، مع إبراز ما يوجد بين بعض الصحابة من مفارقات أو قربى في النسب، أو ما يتوفر عليه بيت آحادهم من الصحابيين المعروفين كواقع أنس بن مالك وأضرابه".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير