تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكان يخافه الفرق المنتمية إلى الإسلام، المنحرفة من وسط الجادّة، المتأرجحة يمينًا أو شمالاً، المؤمنة بالتطرف، والعاملة على تقزيم السلف الصالح، والموغلة في سبّ الصالحين، وتكفير القطاع العريض من المسلمين، أو تشريكهم أو تبديعهم. كانت هذه الفرق كلها بأشكالها تهابه هيبةَ الإنسان للأسد؛ لأنّه كان يهجم عليها في أوكارها هجوم الجراد المنتشر، بضغطه الفاعل، وجهده المتصل، ونفوذه الكبير، وثقله الواسع، وبالحشد الكبير من أتباعه ومحبيه الذين لايُحْصَون. فكان بذلك يتم التقليل من غلوائها أو وضع الحدّ التامّ لنشاطاتها الهادمة.

وقد كان سيفًا مسلولاً ضدّ القاديانية – على شاكلة مشايخه السلف من علماء ديوبند – في العهد الأخير، نظّم لمكافحتها مؤتمرات و ندوات في شتّى المدن والقرى بالهند، وشارك في عدد منها عُقِدت في باكستان وبريطانيا، كما عقد في رحاب جامعة ديوبند مؤتمرًا حافلاً شارك فيه إلى جانب علماء ودعاة الهند عددٌ من علماء السعودية وعلى رأسهم معالي الدكتور عبد الله عبد المحسن التركي حفظه الله، الذي كان أيّامئذ مديرًا لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض والدكتور عبد الحليم عويس المصري الذي كان آنذاك أستاذًا بالجامعة والساعد الأيمن لمعالي الدكتور التركيّ.

وتمخضّ المؤتمر عن إنشاء قسم خاصّ بجامعة ديوبند باسم "قسم صيانة ختم النبوة" لمكافحة القاديانية بشكل متصل دائم مستقل ولإعداد كوادر تعمل في هذا المجال منقطعة إليه. وخَرَّج القسم كثيرًا من المؤهلين للعمل في هذا المجال عن ثقة وقوة. كما نَظَّم ولايزال يُنَظِّم حفلات وتجمعات لتوعية المسلمين السذّج بخطر القاديانية، كما يقوم العاملون في القسم بجولات وزيارات للمناطق المنكوبة بسمّ القاديانيّة.

وقد أدّى – رحمه الله – دورًا مشكورًا في النهوض بجامعة دارالعلوم/ ديوبند، بعد ما آل أمرها إلى إدارة جديدة لمحاولاته هو التي كان فيها ساعده الأيمن معلم العربية العبقري وخادمها الوفي الشيخ وحيد الزمان القاسمي الكيرانوي – رحمه الله – (المتوفى 1415هـ / 1995م) الرئيس المساعد السابق لجامعة ديوبند. وشهدت الجامعة على عهد الإدارة الجديدة – التي كان الشيخ المدني مشرفًا عمليًّا عليها وكان الشيخ وحيد الزمان طوال سنوات محركاً أساسيًّا لها – تطوّرات مدهشة بشطريها الإداري والتعليمي وانتعاشًا كبيرًا في شطرها البنائيّ؛ حيث تمّ إنشاء عدد من المباني الكبيرة والصغيرة بما فيها المسجد الجامع الكبير، تُمَثِّل واجهةً تقدميّةً بارزةً للجامعة، وتنطق بالنهضة الواقعية التي حدثت في الجامعة والتي لاتزال مظاهرها وثّابة إلى الأمام.

وامتاز – رحمه الله – بين معاصريه من العلماء والقادة والدعاة بالجمع بين التحركات السياسيّة وبين الصلاح والتدين؛ وبين الاحتكاك المتصل المكثف بالجماهير المسلمة وبين الانقطاع إلى التلاوة والعبادة؛ وبين الاجتماع بالساسة والقادة وبين التواصل الرابح مع المشايخ والعلماء والدعاة والمفكرين الإسلاميين؛ وبين حياته كعالم عامل وبين حياته كنشيط في الخدمة الاجتماعية والوطنيّة. وهذا عمل صعب لحدّما إلاّ على من يحالفه التوفيق ويُوْلَد مجبولاً على التوفيق بين الاهتمامات المتناقضة.

عُقِدَت في أرجاء الهند كلّها حفلاتُ دعاءٍ وإهداءِ ثوابٍ وحفلاتُ تعزيةٍ وتأبينٍ بعدد لايُحْصَى. كما أبدى كبار العلماء والدعاة والمفكرين والمثقفين والساسة من شرائح المجتمع كلها والمذاهب الفكرية جميعها انطباعات تشف عن مدى التقدير والاحترام اللذين كان يحظى بهما الفقيد الغالي لدى الجميع. وكلهم أجمعوا بتعبيرات متعددة على أن وفاته خسارة لاتُعَوَّض.

جزاه الله خيرًا وأجزل مثوبته وأسكنه فسيح جنّاته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

موجز من مشوار حياته:

1 - الاسم: الشيخ السيد أسعد المدني.

2 - اسم الوالد: الشيخ السيد حسين أحمد المدني رحمه الله المعروف بشيخ الإسلام، شيخ الحديث الأسبق بالجامعة الإسلامية دارالعلوم / ديوبند.

3 - تاريخ الولادة: يوم الجمعة 6/ ذوالقعدة 1346هـ الموافق 27/ أبريل 1928م.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير