تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أقيما علي اليوم أو بعض ليلةٍ**ولا تُعْجِلاني، قد تبين شانيا

وقوما، إذا ما استل روحي، فهيئا**لي السدر والأكفان عند فنائيا

وخُطّا بأطراف الأسنة مضجعي**ورُدّا على عينيَّ فضلَ ردائيا (14)

ولا تحسداني، بارك الله فيكما**من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا

خذاني فجراني ببُردِي إليكما**فقد كان قبل اليوم صعباً قياديا

وقد كنت عطافاً إذا الخيل أدبرت**سريعاً إلى الهيجا إلى من دعانيا

وقد كنت صباراً على القرن في الوغى**وعن شتمي ابن العم والجار وانيا

فطوراً تراني في ظلالٍ ونعمةٍ**ويوماً تراني والعتاق ركابيا

ويوماً تراني في رحى مستديرة**تخرق أطراف الرماح ثيابيا (15)

وقوماً على بئر السُّمينة أسمعا**بها الغر والبيض الحسان الروانيا (16)

بأنكما خلفتماني بقفرةٍ**تهيل عليَّ الريحُ فيها السوافيا

ولا تنسيا عهدي خليلي بعدما**تقطع أوصالي وتبلى عظاميا

ولن يعدم الوالون بثاً يصيبهم**ولن يعدم الميراث مني المواليا (17)

يقولون: لا تبعد، وهم يدفنونني**وأين مكان البعد إلا مكانيا؟

غداة غدٍ يا لهف نفسي على غدٍ**إذا أدلجوا عني وأصبحت ثاويا

وأصبح مالي من طريفٍ وتالد**لغيري، وكان المال بالأمس ماليا

فيا ليت شعري هل تغيرت الرحى**رحى المثل أو أمست بفلج كما هيا (18)

إذا الحي حلوها جميعاً، وأنزلوا**بها بقراً حم العيون سواجيا (19)

وعِيْن وقد كان الظلام يجنها**يسفن الخزامى مرة والأقاحيا (20)

وهل أترك العيس العبالي بالضحى**بركبانها تعلو المتان الديافيا (21)

إذا عصب الركبان بين عنيزة**وبولان عاجوا المبقيات النواجيا (22)

فيا ليت شعري، هل بكت أم مالكٍ**كما كنت لو عالوا بنعيك باكيا؟

إذا مت فاعتادي القبور فسلمي**على الرمس أسقيت السحاب الغواديا

على جَدَث قد جرت الريح فوقه**تراباً كسحق المرنباني هابيا (23)

رهينة أحجارٍ وترب تضمنت**قراراتها مني العظام البواليا (24)

فيا صاحبِي، إما عرضت فبلغن**بني مازنٍ والريب أن لا تلاقيا

وعطّل قلوصي في الركاب فإنها**ستفلق أكباداً وتبكي بواكيا

وأبصرت نار المازنيات موهناً**بعلياء يثنى دونها الطرف وانيا

بعودي النجوج أضاء وقودها**مهاً في ظلال السدر حوراً جوازيا

بعيدٌ غريبُ الدار ثاوٍ بقفرةٍ **يد الدهر معروفاً بأن لا تدانيا (25)

أقلب طرفي حول رحلي فلا أرى**به من عيون المؤنسات مراعيا

وبالرمل منا نسوةٌ لو شهدنني**بكين وفدَّيْن الطبيب المداويا

وما كان عهد الرمل عندي وأهله**ذميماً ولا ودعت بالرمل قاليا

فمنهن أمي وابنتاها وخالتي**وباكيةٌ أخرى تهيج البواكيا


(1) "الغضى": شجر ينبت في الرمل، ولا يكون غضى إلا في رمل. و "أزجي": أسوق، يقال أزجاه إزجاء، وزجاه تزجية. و "النواجي": السراع.
(2) أي: ليته طال عليهم الاسترواح إليه والشوق. و "الركاب": الإبل، جمع راحلة من غير لفظه. وقوله: "وليت الغضى ماشى الركاب" أي" ليت الغضى طاولهم.
(3) يعني بعت ما كنت فيه من الفتك في الضلالة، بأن صرت في جيش سعيد بن عثمان بن عفان.
(4) "أود" بضم الهمزة قال البكري: موضع ببلاد مازن .. وأنشد هذا البيت؛ وقال: الطبسان: كورتان بخراسان. يقول: دعاني هواي وتشوقي من ذلك الموضع، وأصحابي بالموضع الآخر.
(5) يقول: لما ذكرت ذلك الموضع استعبرت فاستحييت فتقنعت بردائي، لكي لا يرى ذلك مني.
(6) غالت خراسان هامتي: أهلكت هامتي.
(7) تعجب من نفسه كيف تغرب عن ولده وماله.
(8) ويريد بالسانحات: الظباء سنحت له فتطير منها. و (وراء) بمعنى: قُدّام.
(9) يقول: كنت أستعمل السيف والرمح فهما لي خليلان، وأنا هنا غريب فليس أحد يبكي علي غيرهما.
(10) "المحبوك": الفرس القوي.
(11) بلفظ مصغر السمنة؛ وهو موضع قريب من أود المذكور. و "مرو": مدينة بخراسان.
(12) "وخل بها جسمي": أي: اختل واضطرب.
(13) "يقر بعيني أن سهيل بدا ليا"، يريد أن سهيلاً لا يرى بناحية خراسان، فيقول: ارفعوني لعلي أراه فتقر عيني؛ لأنه يرى في بلده.
(14) "خطا": أي: احفرا بالرماح.
(15) الرحى: موضع الحرب، ومستديرة: حيث يستدير القوم للقتال.
(16) "البيض الحسان الروانيا": أي: النواظر، جمع رانية، والرنو: النظر الدائم. و "الغر": البيض.
(17) "الوالون": جمع وال. والموالي: بنو العم والأقربون. و "البث": أشد الحزن.
(18) "رحى المثل"، هو بضم الميم وسكون المثلثة: موضع بفلج يقال له: رحى المثل؛ وفلج: موضع في بلاد بني مازن وهو في طريق البصرة إلى مكة.
(19) "حلوها": نزلوا بها. وأراد بالبقر النساء، ويروى: "جم القرون"، أي: ليست لها قرون، شبهها بالبقر. و "سواجي": سواكن.
(20) "العين": بقر الوحش، والأعين: ثوره. و "الخزامى"، بالقصر خيري البر، زهره أطيب الأزهار نفحة. والأقاحي": جمع أقحاء، وهو جمع.
(21) "العيس": الإبل التي تضرب إلى البياض. و "العبالى": جمع عبلى وهي الضخمة. و "المتان":جمع متن، وهو ما صلب من الأرض.
(22) "عنيزة": قارة سوداء في وادي بطن فلج. و "المبقيات": التي تبقي سيرها. و "النواجي": التي تنجو سيرها أي: تسرع.
(23) "المرنباني": كساء من خز، ويقال: مطرف من وبر الإبل. و "هابياً": من هبا هبوا.
(24) "رهينة أحجار"؛ أي: في القبر على الترب والحجارة. والقرارة بطن الوادي حيث يستقر الماء؛ وصيره مثلاً للقبر وبطنه.
(25) "يد الدهر"، يقال: يد الدهر، ومدى الدهر، وأبد الدهر؛ وكله واحد.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير