فهل لي في كتمان حبي راحة؟ * * * وهل تنفعني بوحة لو أبوحها
قافية الدال
أقول ولما تجز بالود طائلا * * * جزى الله خيرا ما أعف وأمجدا
فقالت: بغيري كنت تهتف دائبا * * * وكنت صبورا للغواني مصيدا
فقلت: فمن ذا تيّم القلب غيركم * * * وعوّده غير الذي كان عوّدا
فقالت لتربيها لتصديق قولها: * * * هلما اسمعها منه المقالة واشهدا
فقالت: وهل في ذاك بأس وإنما * * * أريد لكيما تسعداني وتحمدا
لا لا أبوح بحب بثنة إنها * * * أخذت علي مواثقا وعهودا
حلّت بثينة من قلبي بمنزلة * * * بين الجوانح لم ينزل بها أحد
يا ليتنا – والمنى ليست مقربة * * * أنا لقيناك والأحراس قد رقدوا
فيستفيق محبّ قد أضرّ به * * * شوق إليك ويشفى قلبه الكمد
وعاذلون لَحَوني في مودّتها * * * يا ليتهم وجدوا مثل الذي أجد
إذا قلتُ: ما بي يا بثينة قاتلي * * * من الوجد، قالت: ثابت ويزيد
وإن قلتُ: ردّي بعض عقلي أعش به * * * مع الناس، قالت: ذاك منك بعيد
فما ذُكر الخلان إلا ذكرتها * * * ولا البخل إلا قلتُ: سوف تجود
إذا فكرَتْ قالت: قد أدركت ودّه * * * وما ضرّني بخلٌ ففيم أجود
علقت الهوى منها وليدا فلم يزل * * * إلى اليوم ينمي حبّها ويزيد
يموت الهوى مني إذا ما لقيتها * * * ويحيا إذا فارقتها فيعود
يقولون جاهد يا جميل بغزوة * * * وأي جهاد غيرهن أريد
ونغّص دهر الشّيب عيشي ولم يكن * * * ينغّصه إذ كنت والرأس أسود
نخصّ زمان الشّيب بالذّم وحده * * * وأي زمان يا بثينة يحمد
ليت شعري أجفوة أم دلال * * * أم عدوّ أتى بثنة بعدي
فمريني أطعك في كل أمر * * * أنت واللهِ أوجه الناس عندي
يكاد فضيض الماء يخدش جلدها * * * إذا اغتسلت بالماء من رقة الجلد
فلا تكثرا لومي، فما أنا بالذي * * * سننت الهوى في الناس أو ذقته وحدي
قافية الراء
ومما شجاني أنها يوم ودّعت * * * تولّت وماء العين في الجفن حائر
فلمّا أعادت من بعيد بنظرة * * * إليّ التفاتا أسلمته المحاجر
يقولون لا تنظر وتلك بليّة * * * بلى كلّ ذي عين لا بدّ ناظر
أُلامُ إذا حنّت قلوصي من الهوى * * * ولا ذنب لي في أن تحنّ الأباعر
والحب أول ما يكون لجاجة * * * تأتي به وتسوقه الأقدار
حتى إذا اقتحم الفتى لجج الهوى * * * جاءت أمور لا تطاق كبار
لا والذي تسجد الجباه له * * * ما لي بما دون ثوبها خبر
ولا بفيها ولا هممت به * * * ما كان إلا الحديث والنّظر
أقلّب طرفي في السّماء لعله * * * يوافق طرفي طرفها حين تنظر
إني عشيّة رُحْتُ وهي حزينة * * * تشكو إليّ صبابة لصبور
وتقول: بِتْ عندي فديتك ليلة * * * أشكو إليك فإنّ ذاك يسير
غرّاء مبسام كأن حديثها * * * درّ تحدّر نظمه منثور
لا حسنها حسنٌ ولا كدلالها * * * دلٌّ ولا كوقارها توقير
ألا قاتل الله الهوى كيف قادني * * * كما قيد مغلول اليدين أسير
وكان التفرّق عند الصباح * * * عن مثل رائحة العنبر
خليلان لم يقربا ريبة * * * ولم يستخفا إلى المنكر
يقولون: مسحور يجنّ بذكرها * * * فأقسم ما بي من جنون ولا سحر
* * *
تجود علينا بالحديث وتارة * * * تجود علينا بالرضاب من الثّغر
فلو سألت مني حياتي بذلتها * * * وجدت بها إن كان ذلك من أمري
هي البدر حسنا والنساء كواكب * * * وشتّان ما بين الكواكب والبدر
بقد فُضِّلتْ حُسْنا على الناس مثلما * * * على ألف شهرٍ فُضِّلتْ ليلة القدر
عليها سلام الله من ذي صبابة * * * وصبّ معنّى بالوساوس والفكر
مضى لي زمان لو أخيّر بينه * * * ويبن حياتي خالدا آخر الدهر
لقلت: ذروني ساعة وبثينة * * * على غفلة الواشين ثم اقطعوا أمري
مفلّجة الأنياب لو أن ريقها * * * يُداوى به الموتى لقاموا من القبر
إذا ما نَظَمْتُ الشّعْرَ في غير ذكرها * * * أبى وأبيها أن يطاوعني شعري
وآخر عهدٍ لي بها يوم ودّعت * * * ولاح لها خدّ مليح ومحجر
عشّية قالت لا تضيعنّ سرّنا * * * إذا غبت عنّا وارعه حين تدبر
وطرفك إما جئتنا فاحفظنّه * * * فزيغ الهوى باد لمن يتبصّر
وأعرض إذا لاقيت عينا تخافها * * * وظاهر ببغضٍ إن ذلك أستر
فإنك إن عرّضت بي في مقالة * * * يزد في الذي قد قلت واشٍ مكثّر
وينشر سرّاً في الصديق وغيره * * * يعزّ علينا نشره حين ينشر
وما زلت في إعمال طرفك نحونا * * * إذ جئت حتى كاد حبّك يظهر
¥