لأهليَ حتى لامني كل ناصح * * * شفيق له قربى لدينا وأيصر
وقطّعني فيك الصديق ملامة * * * وإني لأعصي نهيهم حين أُزْجَر
وما قلت هذا فاعلمنّ تجنّبا * * * لصرم ولا هذا بنا عنك يقصر
ولكنني –أهلي فداءك- أتقي * * * عليك عيون الكاشحين وأحذر
وأخشى بني عمّي عليك وإنما * * * يخاف ويبقي عرضه المتفكّر
وأنت امرؤ من أهل نحد وأهلنا * * * تهام وما النجدي والمتغوّر
غريب إذ ما جئت طالب حاجة * * * وحولي أعداء وأنت مشهّر
وقد حدّثوا أنا التقينا على هوى * * * فكلهم من حمله الغيظ موقر
فقلت لها: يا بثن أوصيت حافظا * * * وكل امرئ لم يرعه الله معور
فإن تك أم الجهم تشكي ملامة * * * إليّ فما ألفي من اللوم أكثر
سأمنح طرفي حين ألقاك غيركم * * * لكيما يروا أن الهوى حيث أنظر
وأكني بأسماء سواك وأتقي * * * زيارتكم والحبّ لا يتغيّر
فكم قد رأينا واجدا بحبيبه * * * إذا خاف يبدي بغضه حين يظهر
قافية العين
ديار ليلى إذ نحلّ بها معا * * * وإذ نحن منها بالمودّة نطمع
إلى الله أشكو لا إلى الناس حبها * * * ولا بد من شكوى حبيب يروّع
ألا تتقين الله فيمن قتلته * * * فأمسى إليكم خاشعا يتضرّع
فإن يك جثماني بأرض سواكم * * * فإن فؤادي عندك الدهر أجمع
ألا تتقين الله في قتل عاشق * * * له كبد حرّى عليك تقطّع
فيا ربّ حببني إليها وأعطني * * * المودّة منها أنت تعطي وتمنع
وإلا فصبّرني وإن كنت كارها * * * فإني بها يا ذا المعارج مولع
تمتّعْتُ منها يوم بانوا بنظرة * * * وهل عاشقٌ من نظرةٍ يتمتّع
كفى حزنا للمرء ما عاش أنه * * * ببين حبيب لا يزال يروّع
فوا حزني لو ينفع الحزن أهله * * * ويا جزعي إن كان للنفس مجزع
فأي قلوب لا تذوب لما أرى * * * وأي عيون لا تجود فتدمع
أبت مقلتي كتمان ما بي وبيّنت * * * مكان الذي أخفي وفاض المدامع
غداة لقيناها على غير موعد * * * بأسفل خيم والمطيّ خواضع
وأومت بجفن العين واحتار دمعها * * * لتقتلني مملوحة الدّلّ مانع
كمت دمعها عين الصحيح وبيّنت * * * مكان ذوي الشوق العيون الدوامع
ورقرقت دمع العين ثم ملكته * * * مجال القذى فالدمع في الجفن ناقع
أحقّا عباد الله أن لست زائرا * * * بثينة إلا أُصْغِيَتْ لي المسامع
وإلا عداني دون بثنة أعينٌ * * * حداد ولامتها النساء الهلامع
قافية الفاء
أتاركتي للموت أنت لميّتٌ * * * وعندك لي لو تعلمين شفا
فوا كبدي من حبّ من لا يحبّني * * * ومن عثرات ما لهن شفا
فما سرت من ميل ولا سرت ليلة * * * من الدهر إلا اعتادني منك طائف
ولا مرّ يوم مذ ترامت بكِ النوى * * * ولا ليلة إلا هوى منك رادف
أهمّ سلوّا عنك ثم تردّني * * * إليك وتثنيني عليك العواطف
فلا تحسبنّ النأي أسلى مودتي * * * ولا أن عيني ردّها عنك عاطف
وكم من بديل قد وجدنا وطرفة * * * فتأبى عليّ النفس تلك الطرائف
قافية اللام
بثينة من صنف يقلّبن أيدي * * * الرماة وما يحملن قوسا ولا نبلا
ولكنما يظفرن بالصيد كلما * * * جلون الثنايا الغر والأعين النجلا
يخالسن ميعادا يرعن لقولها * * * إذا نطقت كانت مقالتها فصلا
وقالوا: تراها يا جميل تبدّلت * * * وغيّرها الواشي فقلت: لعلها
أظن هواها تاركي بمضيعة * * * من الأرض لا مال لديّ ولا أهل
ولا أحد أوصي إليه وصيّتي * * * ولا وارث إلا المطيّة والرّحل
تصدّ إذا ما النّاس بالقول أكثروا * * * علينا وتجري بالصّفاء الرسائل
فإن غفل الواشون عدنا لوصلنا * * * وعاد التّصافي بيننا والتّراسل
فيا حسنها إذ يغسل الدمع كحلها * * * وإذ هي تذري الدّمع منها الأنامل
عشيّة قالت في العتاب: قتلتني * * * وقتلي بما قالت هناك تحاول
فقلت لها: جودي! فقالت مجيبة * * * أللجدّ هذا منك أن أنت هازل؟
لقد جعل الليل القصير لنا بِكُمْ * * * عليّ لروعات الهوى يتطاول
ألا رُبَّ لاحٍ لو بلا الحبّ لم يَلُمْ * * * ولكنته من سورة الحب جاهل
فما هكذا أحببت من كان قبلها * * * ولا هكذا فيما مضى كنت تفعل
فيا قلب دع ذكرى بثينة إنها * * * وإن كنت تهواها تضنُّ وتبخل
فما غاب عن عيني خيالك لحظة * * * ولا زال عنها والخيال يزول
أتتني و العوائد مسنداتي * * * فقالت: صحّ جسمك يا جميل
فقلت لها: وأنت جزيت خيرا * * * فأنت العائد الحَسَنُ الجميل
ألا ليت قلبي عن بثينة يذهل * * * ويبدو له الهجران أو يتبدّل
¥