تى اس ايليوت. " مَنْ يَهدِ اللهُ فَهو المُهْتَدِ ومن يُضِلل فلن تجدَ لَهُ وليّاَ مُرشِداً" (سورة الكهف الآية 17)
وأما قولي " بعدد وبلا عدد " فأردت به أن مجموعات منظومتي وهى تسع وعشرون كل مجموعة منها ذات قطع تلتزم في شطرها الخامس حرفا هجائياً واحداً بدءاً بالهمزة وانتهاءً بالياء، لم ألتزم فيها في كل مجموعة بنفس العدد من القطع، فقد تكون فيها سبع قطع، وقد يكون فيها أكثر من ذلك، فالعدد سبع وما زاد عليه فهو خروج منه، ولم أجيء بأقل من سبع قطع في المجموعة الواحدة.
وهذا والنظم على مجموعات خماسية أو تزيد اسمه التسميط، وهو أيضا قديم، وقد نسبوا منه أِياء إلى امرىْ القيس أنكرها المعرى على لسانه في رسالة الغفران أيّما إنكار، مثل:
يا قوم أن الهوى إذا أصاب الفتى
في القلب ثم ارتقى فهد بعض القوى
فقد هوى الرجل
وقد أكثر شعراء التصوف والمديح النبوي من التسميط لحلاوته في النشيد والنغم. ومن أجل ذلك خمس حذاقهم، وسبعوا وتسعوا جياد المدائح كالبردة والهمزية.
هذا وسر المدد والشهود للشيخ المجذوب رضي الله عنه ينشد أهلنا مختارات من قطعه في ليلتي الجمعة والاثنين وغيرهما من مواسم تعبدات الطريقة الشاذلية وأذكارها كقوله مثلاً:
جمالكَ يا طه جمالٌ محيرٌ
وكقوله: وحاشا إلهُ العالمين يردنا
" تكتب حاشا بالألف محاكاة لرسم المصحف في قراءة أبي عمرو"
وكقوله: " مقدم جيش المرسلين رسولنا"
وهذه قطعة " السفينة " التي يسر بها الشاذلية في المواسم ولها رنة نغم حيَّة حماسية. وفى بعض قطع المدد يفتن حذاق المنشدين بنغم سواكنى بجاوي الأصل رشيقٌ عميق.
أما البرّاق بتشديد الراء فأناشيده معروفه في الطريقة الختمية. وقد سمعت أناشيد الختمية منذ أيام نشأة الصبا في مدينة كسلا، وفى أيام المدرسة ببربر الوسطى، وفى بلدنا الدامر فى الحوليات، والمولد، وفى ليلتي الجمعة والاثنين وغيرهما من مواسم العبادة والذكر، وأذكر إذ سمعت الخليفة محجوب رحمه الله علية في أصحابٍ له ينشدون من قطع البراق
على المصطفى والآلِ والصُحبِ دائماً
صلاة تفوق المسكَ عطراً مفخماً
يطيب بها كل الوجود ويتلألأ
عند تربةِ والدي، الشيخ الطيب عبد الله -رحمه الله- قبل أن يهال التراب، ولهم بذلك نغم حزين لا يزال له في نفسي صدى حزين. وقد أشِرت إلى ذلك في قصيدتي " عرج على جوس" في كتابي " من نافذة القطار"
ولقد أذكر حضوري جنازة اللواء عمر الحاج موسى رحمه الله رحمة واسعة.
حاء رجال الجيش بضبطهم وربطهم وشيعوا جثمانه بطلقات نارية عسكرية. ثم جاء الخلفاء بالبراق فوقفوا عند التربة مثل وقوف الخليفة محجوب وأصحابه عند تربة الوالد رحمهم الله جميعا. فكان لنشيد الخلفاء عندي وقع أشجى وأبكى وأشد ملاءمة للموقف.
أسأل الله أن يضفى علينا ستره الجميل، وان يحفظنا ويحفظ سائر بلاد المسلمين من الوباء وسوء البلاء ومكر الأعداء ومن فتنة المسيح الدجال، الذي إنما هو هذا العصر الحديث، أو كأن هذا العصر الحديث من بعض علاماته. لعنة الله عليه.
أسأل الله أن تكون هذه المنظومة التي أضعها الآن بين يديك أيها القارئ الكريم من العمل الصالح والكلم الطيب الذي يرفعه، واسأله جل جلاله أن يجزى جامعة إفريقيا العالمية خير الجزاء. فقد أسدت إلى ممثلة في مديرها النابه النبيل الأريب الأديب العلامة الدكتور عبد الرحيم علي، وفى زملائه الأستاذة العلماء الغُر الميامين، يداً بيضاء واعجز كل العجز عن الوفاء بحق شكرها، من طبع هذا الكتاب والإشراف على ذلك وتحمل تكلفته، إن ذلك لعطاء جزيل جليل.
والحمد لله سبحانه وتعالى أولاً وأخيرا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
عبد الله الطيب
6ربيع الأول 1417هـ
كانَ هذا تقديماً للبروفيسور عن قصيدته " برق المدد بعدد وبلا عدد " التي سأجتهدُ في أن أطلعكم عليها غداً.
ـ[عاشقة لغة الضاد]ــــــــ[27 - 11 - 2004, 06:51 م]ـ
جزاك الله خيرا، و نحن في إنتظار القصيدة.
ـ[رامي ابراهيم]ــــــــ[28 - 11 - 2004, 10:47 ص]ـ
مع الحمد باسم الله ذا النظم أفتتح نصلى على الهادي نسلم نمتدح
رسولاً به درب الهداية متضح وليس بلا حب له ديننا يصح
ونحن به من كل سقم سنبرأ
****
¥