لقد عمل أستاذا للأدب العربي داخل السودان وخارجه، فكان رئيسا لقسم اللغة العربية ومناهج المدارس المتوسطة في معهد "بخت الرضا" لتدريب المعلمين في السودان، وأستاذا في قسم اللغة العربية بجامعة الخرطوم، وعميدا لكلية الآداب فيها. وكان محاضرا في كليه الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن. وكان أستاذا زائرا في عدد من الجامعات العربية والأفريقية والبريطانية، فضلا عن عضويته في هيئه تحرير الموسوعة الأفريقية في غانا، ورئاسته لاتحاد الأدباء في السودان.
يروى عن الدكتور عز الدين إسماعيل أنه قال حين تقاسم جائزة الملك فيصل عام 2000 مع عبدالله الطيب: حاشا أن أتقاسمها مع أستاذي.
يبدو تأثر "عبدالله الطيب" بأبي العلاء المعري، وأبي الطيب، وأبي تمام، والبحتري، كبيرا وواضحا، وبارزا في أشعاره ودراساته علي السواء. وهذا التأثر هو الذي جعله وفيا للقصيدة العربية ذات الشطرين والقافية الموحدة، وجعله من أكثر الشعراء المعاصرين اعتزازا بموسيقى الشعر وتذوقا لها، وتطويعا للبحور التي يهرب منها معظم الشعراء، مثل: المنسرح، فقد حببه إليه أبو الطيب، وابن قيس الرقيات، وفي مقدمة ديوانه أغاني الأصيل يطرح قضية الموسيقى الشعرية باستفاضة، ويرى أن الشعر خيال ووجدان وحكمة وإيقاع. أما الخيال فذكريات وتجارب وأوصاف. وأما الوجدان فعواطف وعبر وأنفاس حرار طوال وقصار، وأما الحكمة فالأمثال والمواعظ والعبر تنتزع من الفلكلور مباشرة كما عند طرفة، أو تقاس عليه بدقة فكر وبلا تعمل وتكلف كما عند زهير في الأوائل، وأبي الطيب وأبي تمام في المحدثين.
وأما الإيقاع فهو الطريق الرئيسي لجميع ما تقدم ذكره من عناصر الشعر، وبه يفترق الأداء الشعري عن الأداء النثري، إذ الشعر موسيقى بيان، والنثر بيان قد تصاحبه الموسيقي أحيانا، كما في رسائل الجاحظ ومقامات الحريري، وزعم الفارابي ـ يقول عبدالله الطيب ـ أن الشعر رئيسه الهيئة الموسيقية، وأن الموسيقي إنما نتعلمها من أجل فهم الشعر وتجويده وإدراك غاياته.
إنه يدعو إلى التذوق الطيب، ويرى أن الذوق متى تعود علي خبيث فسد به، وتعذر إصلاحه أو تعسر وأعيت الرجعة إلى تذوق الطيب الذي كان من قبل أن يألفه ويحبه، فكيف إذا تعود علي الخبيث من غير سابقة عهد بالطيب لالتماس هذا فلا تجد إلا ذاك؟ فلا غرو أن نجد الناشئة الآن لا يقبلون علي الشعر الجيد حقا، بل ينفرون .. ومن جهل شيئا عاداه.
رحم الله "عبدالله الطيب المجذوب" فلو سمع بعض الدعاوى عن تغيير الذائقة، والنثر الذي يسمي شعرا؛ لقال كلاما يؤكد كلامه السابق. فتصحيح الأذواق وإصلاحها يصحح اللغة ذاتها ويحافظ عليها , فاللغة ـ كما يرى ـ عنوان نهضة الأمة العربية وشاهد عزتها بلا أدنى ريب.
====
التحية لكلِّ مَن مرّ مِن هنا، ويحسن بي أن أذكرّ الجميع بأنني لستُ إلا ناقلٍ لسيرةِ وأخبار هذا الأديب الأريب ..
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[14 - 05 - 2008, 07:23 ص]ـ
أهلا بأخي الكريم وابن بلدي العزيز الأستاذ رامي إبراهيم، عودة حميدة والعود أحمد. ولعلك تواصل ما بدأته من فضل السبق إلى التعريف بالعلامة/عبد الله الطيب، رحمه الله، وقد بدأ أخونا الأستاذ حذيفة في وضع نسخة شبكية من كتابه القيم (المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها) في منتدى الكتاب من هذه الشبكة المباركة، فنسأل الله أن يعينه على إكمالها.
أستاذتنا المفضالة الناقدة البصيرة/أحاول أن، جزاك الله خيرا على مرورك وكلماتك الطيبات، ومجرد المرور منك يضيء الصفحة، وأبشري؛ فما زلنا نعمل على كتابة سيرة علمية تليق بأستاذنا العلامة، وعسى أن نكمل ذلك قريبا إن شاء الله.
ـ[خليل التطواني]ــــــــ[15 - 05 - 2008, 10:04 ص]ـ
السلام عليكم
نشكر لكم هذه العودة المباركة فلولاها ما تفطنّا إلى موضوع عن هذا العالم الأديب.
وقع كثير من الإخوة في خلط ما بين الاسمين السودانيين:الطّيّب صالح وعبدالله الطيب. وقد ميّز بينهما المميّزون, وأحبّ أن أجمع بينهما في خصلة نادرة من خصال أهل العربيّة وهي أنّهما من أحفظ أهل زماننا للشعر العربي. وليس حسن نثر الطيب صالح إلاّ من تلك الأشعارالتي حفظها ويشهد له بها في المجالس
أمّا العالم عبد الله الطيّب فقد سمعت كثيرا بكتابه المرشد وكثر رجوع علماء الشعر إليه ولو كانوا من أهل الأسلوبية. لكن عزّ علينا هذا الكتاب ولم ندركه. وقد علمنا الآن أنّه بسبب من ندرة طبعاته
هذا موضوع جدير بالمتابعة وننتظر المزيد فيه وحيّاكم الله بما أحييتم منه
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[16 - 05 - 2008, 03:11 م]ـ
أخي الكريم الأستاذ خليل التطواني، بارك الله فيك وفي بيانك. يمكنك تحميل الجزء الأول والثاني من هذا الكتاب، وتجد الرابط في منتدى الكتاب من هذه الشبكة، وتجد في تلك النافذة حديثا طويلا عن المؤلف وكتابه، وستأتيك الأجزاء الثلاثة الأخرى إن شاء الله.
¥