تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والاخيلة والصور التي تتناسب والغرض الشعري المراد. وقد ظلت اوزان الخليل أحد اهم المقاييس لبيان حسن الشعر من رديئة من حيث الموسيقى والتنغيم، كما تحفل المكتبة العربية بالعديد والعديد من المؤلفات المتعلقة بذلك العلم القديم الجديد "علم العروض " الذي يعود الفضل فى وضع اسسه واركانه للعالم العماني الخليل بن احمد الفراهيدى الذي اعجزت عبقريته من عاهره ومن جاء بعده على السواء حيث لم يجاريه فى علمه احد خلال عمره المديد الذي دام خمسا وسبعين سنة يضع القواعد والقوانين ويبتكر العلوم النافعة ويفسر ما غمض منها ويأتي بما لم يسبقه اليه سابق كما كان فطنا ذكيا لماحا زاهدا فى الدنيا وبهرجها متسما بتواضع العلماء وبلاغتهم وقد أثر عنه البيت التالي: اعمل بعلمي ولا ننظر الى عملي ينفعك علمي ولا يضررك تقصيري

وهو القائل: تربع الجهل بين الحياء والكبر فى العلم وقال ايضا زلة العالم مضروب بها الطبل. وغير ذلك من الامثال والحكم المأثورة التي تدل على علم واسع وادب وفير وتواضع جم حتى قال عنه ابن المقنع حين لقيه رأيت رجلا عقله اكثر من علمه. فهل يلقى الخليل وعلومه القيمة مزيدا من البحث والتأصيل والتنقيب عما ضاع من علوم اختص بوضعها الخليل عن غيره وبعد عنها تلاميذه حتى لم يبق منها شىء؟ واذا كان عملان فقط مما وضع الخليل قد اجتذبا كل هذا الاهتمام من العلماء والباحثين وهما "العروض والقافية " وكتاب "العين" فماذا لو طالت الايدي كل او جل ما صنعت يداه وعبقريته؟ اننا جد مطالبين بملاحقة الماضي واسترداد بعض اعمال الخليل ونفض ما تراكم عليها من سحائب النسيان. ** ثانيا الخليل ومعجم العين لست اجد اي غضاضة او مبالغة فى وصف معاصري الخليل بن احمد الفراهيدى الازدي له بأنه رجل خلقه من الذهب والعنبر كذلك وصف سفيان بن عيينه الخليل فهما مادتان نفسيتان فى حياة البشر لا يضارع نفاستهما هادة أخرى ومن ثم اكتسبا هذه القيمة فى اعراف الناس وتقديراتهم. اما وصف المعاصرين بأنه كان يمثل بأعماله "نهضة" متكاملة الاركان فهو ايضا وصف لا مبالغة فيه - فى رأيي - اذ انه نهض بانجاز اعمال علمية وتأليف كتب انهضت العقل العربي ونقلته من مستوى معين فى صياغة فكره الى مستوى آخر، وقد طالعنا فى صدر هذا المقال كيف انه بذل جهدا محمودا ليحفظ لـ"موسيقى" الشعراء اركانها ويضبط معالم الطريق لمن اراد ان يلج هذا المضمار الذي يعد ميدانا يتفرد فيه العرب بميزات شعرية خاصة بهم. اما في الجانب اللغوى من تراث الخليل الخالد فهو الجانب اللغوى واقصد به على وجه التحديد "كتاب العين ". وجرى بنا ان نبذل الجهد لنقف على مزيد من جوانب شخصية الرجل الذي التف حوله التلاميذ المخلصون ينهلون من علمه ويسعون الى مواصلة الابداع الفكري الذي بدأه ويحفظون مسيرة الفكر العربي ناصعة متألقة فقد اصبح تلاميذه من بعده علماء مخلصين ظهرت عليهم معالم النبوغ فتوسدوا أعلى المراكز العلمية ثم التف من حولهم تلاميذ لهم يأخذون عنه ويطورون ما اخذوا وينشرون نتاج فبكرهم فى مختلف الاعصار العربية والاسلامية المعنية عناية قصوى بالكتب وحصائد الفكر النابه حتى جاء يوم يوزن فيه الكتاب بالذهب. ولما كان تلاميذ الخليل قد بهروا بعلمه وفطنته لذا صار منهجه فى البحث نبراسا لهم وسنة يقتدون بها. وكشأن كل العظماء عبر التاريخ ظلت شخصية الخليل، كما ظلت اعماله - وبخاصة كتاب العين - مثار جدل طويل ما بين اتفاق تارة واختلاف تارات. فهناك من شككك في نسبة كتاب العين الى الخليل وراح ينسبه الى مؤلف اخر وذلك على الرغم من وجود الشواهد التاريخية الثابتة على الاجماع على ان العالم الفذ الخليل بن احمد الفراهيدي وهو صاحب مؤلفاته وواضعها دون ادنى شك او مراء. كما لم يسلم كتاب العين ذاته - من حيث مادته - من بعض الافتراءات حتى فى عباراته فكثرت عليه التصحيفات والحواشي ونال منه توالي الايام والسنين. وقد اقام الخليل ردحا من الزمن فى مدينة البصرة بالعراق حيث كانت يوما حاضرة للثقافة العربية والادب والفكر مثلما كانت ملتقى طرق برية وبحرية عديدة مما الفه تجار ذلك الزمن الذين كان لعمان منهم الحظ الوافر ولقد جاب الخليل اصقاعا كثيرة من العالم المعروف لديه آنذاك شأن كل الكثير من العمانيين الذين احترفوا الرحلة وعشقوا الإبحار.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير