تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الزين حتى قال قائلهم: «لعله نبي الله الخضر.»

فالزين رغم نحافته كأنه عود يابس تتدفق في جسمه قوة مريعة جبارة لا طاقة لأحد بها حتى أنه أمسك بقرني ثور جامح وألقاه أرضا، وفي مرة قلع شجرة سنط من جذورها، كما أنه أمسك بخناق سيف الدين بن البدوي وكاد أن يقتله، ولم يستطع جمع من الرجال تخليصه من بين يديه، لكن صوت الحنين الذي جاء فجأة وحده الذي أنقذه من بين يديه. وما إن تكبر صورة الزين في أعين الناس حتى تتحطم حين يهب صائحا: «يا أهل الغريق .. يا ناس الحلة .. أنا مكتول .. ».

كان كل ذلك يجري بينما هناك فتاة مليحة، غاضبة العينين، وقورة المحيّا، تراقب الزين في عبثه ومزاحه، وجدته يوما في مجموعة من النساء يضاحكهن كعادته فانتهرته قائلة: «ما تخلي الطرطشة والكلام الفارغ، تمشي تشوف أشغالك». كان لتلك الكلمات وقعها على الزين حتى أنه أطرق إلى الأرض ومضى خجلا. لقد كانت تلك الفتاة ابنة عمه نعمة بنت الحاج إبراهيم. ولم يمضِ وقت طويل حتى صاح الزين: «أرروك يا ناس الغريق، يا أهل البلد، الزين مكتول، كتلته نعمة بنت الحاج إبراهيم». وسرت شائعات كثيرة في البلد، منها أن الزين صادف نعمة فقال لها: «بنت عمي، تعرسيني؟» فقالت: نعم. وذهب إلى عمه وكلمه في الأمر فقبل الرجل.

قام محجوب وجماعته الذين كانوا يتصرفون في أمور البلدة بإعداد مراسيم الزواج، وذكرهم الزين بوعد الحنين له قبل موته قائلا: «الحنين قال لي قدامكم كلكم (باكر تعرس أحسن بت في البلد).» فكان عرسا لم ترَ البلدة مثله، مئات الزغاريد كانت تنطلق مرة واحدة. قال الشيخ علي «عرس زي دا الله خلقني ما شفت زيه.» وقال الحاج عبد الصمد: «عليَّ بالطلاق الزين عرّس عرس صح مو كدب.» حتى إمام المسجد الذي عارض مثل هذا العرس قال للزين: «مبروك، ربنا يجعله بيت مال وعيال.» وحضر العرس عرب القوز وتجار البلد وموظفوها ووجهاؤها وأعيانها. ولكن الزين اختفى فجأة والناس في ذروة فرحهم بالعرس ليجدوه أخيرا عند قبر الحنين يبكي منتحبا.


ظاهرة الطيب صالح

دخل معترك الكتابة منذ سنوات بعيدة وهو كما يقول نشر اول قصة له في عام 1957 ليتجه الى الكتابات الاكاديمية التي تراوحت بين التاريخ والدراسات الاجتماعية ليعطي التاريخ الاجتماعي لافريقيا عموما والسودان بشكل خاص اهتماما خاصا أثناء فترة الاستعمار وما بعده.

واذا كنا في «بيان الثقافة» شغوفين بالساحة الثقافية والابداعية السودانية فليس امامنا اهم من الدكتور عبدالله ابراهيم ليرضي لنا هذا الفضول، فهو بالاضافة لكونه مبدعا قصصيا ومسرحيا وناقدا له الكثير من الكتب عايش هذه التجربة وكان احد رموزها والناشطين فيها.

الدكتور عبدالله ابراهيم من مواليد 1942 حصل على الماجستير من جامعة الخرطوم 1982 في الفلكلور والروايات، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة اندريانا في الولايات المتحدة الامريكية، وهو حاليا يعمل استاذا مساعدا للتاريخ الافريقي بجامعة ميسوري بولاية ميسوري الامريكية له العديد من المؤلفات منها: كتاب «الصراع بين المهدي والعلماء السودانيين في القرن التاسع عشر» وقدم كبحث للحصول على درجة الشرف في جامعة الخرطوم، له كتابات في أدب الرباطاب الشعبي ومن كتبه «تحقيق لأنساب الجعليين في السودان» اضافة الى كتب في الثقافة العامة، وله كتاب بعنوان «انس الكتب» وكتاب «عبير الامكنة» وكتاب «الثقافة والديمقراطية في السودان» ومسرحية «الجرح والغرنوق» ومسرحية «تصريح لمزارع من جودة» وكتاب «فرسان كانجرت» وهو تأريخ لشعب الكبابيش في السودان مستقى من رواياتهم الشفهية في القرنين الـ 18، 19 وكتاب اكاديمي يتضمن تحليلاً لغوياً اجتماعياً في مجازات «العين الحارة بين الرباطاب» وصدر سنة 1994.

«بيان الثقافة» استغل زيارة الدكتور عبدالله لدولة الامارات لاجراء هذا الحوار معه والوقوف عند مجموعة من النقاط العامة حول تجربته الابداعية الشخصية والسودانية بصورة عامة.

ـ الى اي مدى اثرت انتماءاتك السياسية والتحولات التي طرأت عليها في تجربتك الابداعية وكيف تنظر الى علاقة المبدع بالسياسة وهل يمكننا اعتبار السياسة وانتماءاتها شرطا ابداعيا؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير