قال الإمام: قال ابن حزم: "اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد عمرو، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك، حاشا عبد المطلب".
قول ابن حزم: "اتفقوا" يعني أجمعوا، يعني أجمع أهل العلم -فيما علمه هو- أن التعبيد لغير الله محرم؛ لأن فيه إضافة النعم لغير الله، وفيه أيضا إساءة أدب مع الربوبية والإلهية، فإن تعبيد الناس لغير الله -جل وعلا- هذا غلط من جهة المعنى.
وأيضا فيه اهتضام -أو نوع اهتضام- لمقام الربوبية؛ فلذلك حُرِّم في هذه الشريعة هذه التسمية، بل وفي شرائع الأنبياء جميعا، فاتفق أهل العلم على ذلك، وأن كل اسم معبد لغير الله كعبد عمرو، وعبد الكعبة، وعبد علي، وغير ذلك من الأسماء؛ فإن هذا محرم ولا يجوز، وما أشبه ذلك.
قال: "حاشا عبد المطلب"، قوله: "حاشا عبد المطلب" يعني لم يجمعوا عليه؛ فإن من أهل العلم من قال: تكره التسمية بعبد المطلب ولا تحرم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال في غزوة حنين: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب وقالوا: جاء في أسماء الصحابة من اسمه عبد المطلب؛ ولهذا قالوا: لا يحرم.
وهذا القول ليس بصحيح في أن عبد المطلب تكره التسمية به ولا تحرم، وما استدلوا به ليس بوجيه؛ وذلك أن قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب هذا من جهة الإخبار، والإخبار ليس فيه تعبير مباشر لإضافة ذلك المخلوق إلى غير خالقه، وإنما هو إخبار، وباب الإخبار أوسع من باب الابتداء كما هو معلوم.
وأما تسمية بعض الصحابة بعبد المطلب، فالمحققون من الرواة يقولون: إن من سمي بعبد المطلب صحة اسمه المطلب بدون التعبيد، ولكن نقل بعبد المطلب؛ لأنه شاعت التسمية بعبد المطلب دون المطلب، فوقع خطأ في ذلك، وبحث هذه المسائل يطول، محله كتب الحديث، وكتب الرجال، فنمر عن ذلك.
وقال بعده: "وعن ابن عباس في معنى الآية قال: لما تغشاها آدم حملت فأتاهما إبليس، فقال: إني صاحبكما .. إلى آخر القصة، قال: فذلك قوله جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا قال: رواه ابن أبي حاتم، وله بسند صحيح عن قتادة قال: شركاء في طاعته، ولم يكن في عبادته.
وهذا دليل على التفريق بين الشرك في الطاعة والشرك في العبادة، الشرك في العبادة كفر أكبر مخرج من الملة، أما الشرك في الطاعة فله درجات: يبدأ من المعصية وهي المحرم، وينتهي بالشرك الأكبر.
فالشرك في الطاعة درجاته كثيرة، ليس درجة واحدة، فيحصل شرك في الطاعة فتكون معصية، ويحصل شرك في الطاعة فيكون كبيرة، ويحصل شرك في الطاعة فيكون كفرا أكبر، ونحو ذلك.
أما الشرك في العبادة فهو كفر أكبر بالله -جل جلاله-؛ ولهذا فرق أهل العلم بين شرك الطاعة وشرك العبادة، مع أن العبادة مستلزمة للطاعة، والطاعة مستلزمة أيضا للعبادة، لكن ليس في كل درجاتها.
قال: وله بسند صحيح عن مجاهد في قوله: لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا يعني في الآية قبلها لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قال: أشفقا ألا يكون إنسانا، يعني خافا أن يكون له -كما قال الشيطان- له قرنا أيّل، أو خلقته مختلفة، أو يخرج حيوانا، أو قردا، أو نحو ذلك، فقالا: لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا يعني ولدا صالحا سليما من الآفات، سليما من الخلقة المشينة، فوعدا بأن يكونا من الشاكرين.
فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا عبّدا ذلك للحارث؛ خوفا من أن يكون الشيطان يتسلط عليه بالموت أو الإهلاك، أخذتهما شفقة الوالد على الولد، فكان ذلك خلاف شكر تلك النعمة؛ لأن من شكر نعمة الولد أن يعبَّد الولد لله الذي أنعم به وأعطاه وتفضل به. نعم.
كتاب التوحيد شرح الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
http://www.taimiah.org/
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Aug 2003, 12:11 ص]ـ
بسم الله
قول الشيخ صالح آل الشيخ:فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا الضمير هنا يرجع إلى آدم وحواء، والذي عليه عامة السلف أن القصة في آدم وحواء، حتى قال الشارح الشيخ سليمان بن عبد الله - رحمه الله - قال: إن نسبة ذلك إلى غير آدم وحواء هو من التفاسير المبتدعة، والذي يعرفه السلف أن الضمير يرجع إلى آدم وحواء، وسياق الآية لا يقتضي غير ذلك إلا بأوجه من التكلف.
فيه نظر؛ لأن هذا التفسير قد ورد عن السلف، ورجحه الحافظ بن كثير.
قال الشنقيطي في أضواء البيان:
¥