(قوله تعالى: {فلمآ ءاتهما صالحا جعلا له شركآء فيمآ ءاتهما فتعالى الله عما يشركون}.
في هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير معروفان عند العلماء، والقرآن يشهد لأحدهما.
الأول: أن حواء كانت لا يعيش لها ولد، فحملت. فجاءها الشيطان، فقال لها سمي هذا الولد عبد الحارث فإنه يعيش، والحارث من أسماء الشيطان، فسمته عبد الحارث فقال تعالى: {فلمآ ءاتهما صالحا} أي ولدا إنسانا ذكرا جعلا له شركاء بتسميته عبد الحارث، وقد جاء بنحو هذا حديث مرفوع وهو معلول كما أوضحه ابن كثير في تفسيره.
الوجه الثاني: أن معنى الآية أنه لما آتى آدم وحواء صالحا كفر به بعد ذلك كثير من ذريتهما، وأسند فعل الذرية إلى آدم وحواء، لأنهما أصل لذريتهما كما قال: {ولقد خلقناكم ثم صورناكم} أي بتصويرنا لأبيكم آدم لأنه أصلهم بدليل قوله بعده: {ثم قلنا للملائكة اسجدوا لأدم}، ويدل لهذا الوجه الأخير أنه تعالى قال بعده: {فتعالى الله عما يشركون. أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون}، وهذا نص قرآني صريح في أن المراد المشركون من بني آدم، لا آدم وحواء، واختار هذا الوجه غير واحد لدلالة القرآن عليه، وممن ذهب إليه الحسن البصري، واختاره ابن كثير ـ والعلم عند الله تعالى ـ.) انتهى كلامه.
فهذا القول الذي جعله الشيخ سليمان بن عبد الله من التفاسير المبتدعة له حظ من النظر، بل رجحه بعض المحققين.
وممن رجح هذا القول ابن القيم رحمه الله، حيث قال في كتابه روضة المحبين:
(قوله " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين * فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون " فالنفس الواحدة وزوجها آدم وحواء، واللذان جعلا له شركان فيما آتاهما المشركون من أولادهما.
ولا يلتفت إلى غير ذلك مما قيل إن آدم وحواء كانا لا يعيش لهما ولد فأتاهما إبليس فقال: إن أحببتما أن يعيش لكما ولد فسمياه عبد الحارث ففعلا، فإن الله سبحانه اجتباه وهداه فلم يكن ليشرك به بعد ذلك.) انتهى كلامه.
ـ[حسين الخالدي]ــــــــ[03 Aug 2003, 01:38 ص]ـ
سر المسالة انه تعارض في نظر المفسرين ظاهر السياق مع ما هو متقرر في النصوص المتكاثرة من عصمةالانبياء من الشرك ودعم ظاهر السياق ما روي من الاثار في قصة ابليس مع ادم وحواء
فمن نظر الى ما يؤول اليه الاخذ بظاهر السياق تخلص من ظاهر السياق بحمل الاية على وجه معتبر في اللغة وله نظائر في القران - الاستطراد من ذكر الشيء الى ذكر جنسه - ورد الاثار بضعفها واتخذ من تفسير الحسن مرجحا
ومن تقوى في نظره الظاهر من الاية مع ماروي من اثار في القصة تخلص من القول بوقوع الانبياء في الشرك بحمل لفظ الشرك على معنى شرك الطاعة وجعله من جنس الصغائر والانبياء غير معصومين منها بدلالة القران والسنة فسلم له الظاهر وسلم من القول الباطل
وَ هناك قول ثالث في المسالة وهو ما ذكره القرطبي
قَالَ القرطبي
وَقِيلَ: الْمَعْنَى " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة " مِنْ هَيْئَة وَاحِدَة وَشَكْل وَاحِد " وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجهَا " أَيْ مِنْ جِنْسهَا " فَلَمَّا تَغَشَّاهَا " يَعْنِي الْجِنْسَيْنِ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْل لَا يَكُون لِآدَم وَحَوَّاء ذِكْر فِي الْآيَة ; فَإِذَا آتَاهُمَا الْوَلَد صَالِحًا سَلِيمًا سَوِيًّا كَمَا أَرَادَاهُ صَرَفَاهُ عَنْ الْفِطْرَة إِلَى الشِّرْك , فَهَذَا فِعْل الْمُشْرِكِينَ. قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا مِنْ مَوْلُود إِلَّا يُولَد عَلَى الْفِطْرَة - فِي رِوَايَة عَلَى هَذِهِ الْمِلَّة - أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ ". قَالَ عِكْرِمَة: لَمْ يَخُصَّ بِهَا آدَم , وَلَكِنْ جَعَلَهَا عَامَّة لِجَمِيعِ الْخَلْق بَعْد آدَم. وَقَالَ الْحُسَيْن بْن الْفَضْل: وَهَذَا أَعْجَب إِلَى أَهْل النَّظَر انتهى كلامه
لكن السياق لا يساعده
والله أعلم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Sep 2006, 12:15 ص]ـ
يسر الله بحث هذه المسألة في رسالتي للدكتوراه عن ترجيحات ابن القيم في التفسير، وهذا نص ما أوردته حولها:
¥