تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

«والله سبحانه حينما يطلق كلمة (أهل الكتاب) فإنه يعني بذلك اليهود والنصارى، أما إذا قال: الذين (أوتوا الكتاب) فلا يعني بذلك إلا اليهود» أ. هـ

أقول:

هذه الدعوى تحتاج إلى دليل، وينقضها عدة آيات منها:

1 - قوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153)} [النساء]

على قولك يكون المراد بأهل الكتاب في الآية هم اليهود والنصارى، وهل النصارى هم الذين سألوا موسى؟ أم هم اليهود فقط؟

2 - وقال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)} [النساء]

قال ابن عباس: يعني اليهود خاصة، ذكره ابن كثير في تفسير الآية.

3 - وقال تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171)} [النساء]

فهل يدخل اليهود في هذه الآية؟

والتحقيق أن «أهل الكتاب» و «الذين أوتوا الكتاب» لفظ عام إذا أطلق في القرآن فإنه يشمل اليهود والنصارى، إلا أنه قد يراد به «اليهود خاصة» أو «النصارى خاصة» وذلك عند وجود قرينة في الآية، أو دليل آخر. والله تعالى أعلم.

ـ[المقاتل7]ــــــــ[10 Sep 2003, 10:45 م]ـ

إذن يكون معنى الآية على قولك هو: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمؤمنات من المؤمنات والمؤمنات من الذين أوتوا الكتاب .... )

بمعنى أنه أحل لكم المؤمنات من المؤمنات، والمؤمنات من الذين أوتوا الكتاب، ولا يخفى أن هذا المعنى ركيك للغاية، وينبغي أن تصان عنه الآية.

لا بالطبع لم أقصد ذلك، لكن قصدت أن المحصنات صفة لم ترد في الآيات إلا في وصف المؤمنات فقط، و هي هنا بمعني العفيفات كما هو ظاهر أو ربما الحرائر إذا كانت (من) للتبعيض

فلم يبق إلا أن يكون المراد بالمحصنات هن العفيفات أو الحرائر حتى لا يكون هناك تكرار في الآية دون فائدة

لا ليس تكرارا دون فائده، بل لاختلاف بين حال المعطوف والمعطوف عليه، فالمعطوف عليه يشمل المؤمنات في العشيرة المسلمة، والمعطوف يشمل المؤمنات في العشيرة من الذين أوتوا الكتاب والذين قد يسلم بعضهم و يبقي الآخرون على الكفر و يشتركون جميعا في صفة (الذين أوتوا الكتاب)

وأما وصف «الذين أوتوا الكتاب» و «أهل الكتاب» فالأصل فيه أن المراد بهم الذين لم يسلموا، ولو تأملت خطابات القرآن الكريم لأهل الكتاب لوجدت أن الغالب فيها نداء الذين لم يسلموا منهم، ولو خرجنا عن هذا الأصل لوقعنا في لبس شديد، ولا يجوز العدول عن الأصل إلا بدليل، وما ذكرته أنت من أمثله هو خروج عن الأصل لوجود الدليل وهو السياق.

وقولك: و نخرج من ذلك بقاعدة مؤداها أن وصف (الذين أوتوا الكتاب) يشمل من آمن منهم ومن كفر.

أقول: هذه الدعوى تحتاج إلى دليل؛ لأنها خلاف الأصل وخلاف الظاهر، والمتقرر في قواعد التفسير: أنه يجب حمل نصوص القرآن على المعنى الظاهر المتبادر، ولا يجوز العدول عن الظاهر إلا بدليل.

لقد ذكرت الدليل على ذلك و هو (إعاده):

أن لفظ (الذين أوتوا الكتاب) و (أهل الكتاب) يدل على من أسلم منهم ومن كفر، و دليل ذلك:

1/ (و إن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله و ما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله)

آل عمران 199

و لاحظ قوله (وما أنزل إليكم) أي إلى الرسول، ورغم إيمانهم به إلا أن صفة أهل الكتاب لم تسقط عنهم لأن ليس فيها دلالة على إنكار رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.

2/ (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله ءاناء الليل و هم يسجدون) آل عمران 113

3/ في آية الجزية (و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب) التوبة 29 فدل ذلك على أن الذين أوتوا الكتاب منهم المسلمون الذين يدينون دين الحق و منهم من لا يدين دين الحق.

و الأمثلة كثيرة .. و نخرج من ذلك بقاعدة مؤداها أن وصف (الذين أوتوا الكتاب) يشمل من آمن منهم ومن كفر.

ظاهر النص أن نكاح الذين أوتوا الكتاب من آمن منهم ومن كفر جائز، و لكن بذلك سنقع في تعارض للنصوص كما أوضحت من قبل، و لا يمكن تجنب التعارض الذي ينقض عقيدة الولاء والبراء إلا بهذا الفهم، وفي مطلع الآية أن طعام الذين أوتوا الكتاب حل لنا، وطعامهم (إن كان المقصود من كفر منهم) فيه الخمر ولحم الخنزير، فلم أباح العلماء الزواج من نساء الكافرين من أهل الكتاب ولم يبيحوا الخمر ولحم الخنزير؟ لابد أن المقصود طعام من آمن منهم حل لنا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير