فالقول بالتوحيد، فنراه ينزه الله عن الشبه الخلق لذلك فسر الزمخشري الاستواء بالملك، " الرحمن على العرش استوى " طه، لما كان الاستواء على العرش وهو سرير الملك مما يرادف الملك جعلوه كناية عن الملك فقالوا: استوى فلان على العرش يريدون ملك.
وفسر الوجه بالذات " كل شيء هالك إلا وجهه "
القصص بقوله إلا إياه والوجه يعبر عن الذات.ويفسر قوله " يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم " بأنه السميع العليم لذاته (ذاته وصفاته شي واحد).
أما أصل العدل المعتزلي فيتضح من خلال تفسيره (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) إن الله لا يسأل عن أفعاله ثم يؤكد أن ما يفعله الله بدواعي الحكمة ولا يجوز عليه الخطأ ولا فعل القبائح ويدلل على أن النهي والأمر الواردان في قوله تعالى (ولا تنقصوا المكيال والميزان) وقوله في الآية التالية (يا قوم أوفوا الميزان) هود. نهي عن القبيح في العقول تعييرا وأمرا بالحسن في العقول ترغيبا.
ويرى الزمخشري أن الله لم يخلق أفعال العباد ولكنه مكنهم من الاختيار الذي هو أساس التكليف.
لذلك لجأ إلى فكرة اللطف ليصرف الآيات التي تتصادم مع مذهب المعتزلة عن مقتضى النص ويخضعها لمذهبه. (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا لا تمنعنا ألطافك بعد إذ لطفت بنا وهدينتا. الوعد والوعيد لربط الجزاء بالعمل لذلك يقرر الزمخشري أن مرتكب الكبيرة في النار ما لم يتب (ومن يقتل مؤمنا متعمدا) ثم يعقب وذلك محمول منهم على التغليظ.
موقف الطبري من المسائل الكلامية موقف الزمخشري من المسائل الكلامية
يأخذ الطبري بمذهب السلف في تفسير آيات الصفات، فيقول فيها بالظاهر مع رفض مبدأ التجسيم يقول في تفسير قوله تعالى: وقالت اليهود يد الله مغلولة " اختلف أهل الجدل قال بعضهم عني بذلك نعمتاه، وقال آخرون منهم عني بذلك القوة وقال آخرون منهم بل يد الله صفة من صفاته هي يد غير أنها ليس بجارحة كجوارح بين آدم، ولا يرتضي الطبري إلا قول من قال " إن يد الله هي له صفة قال: وبذلك تظاهرت الأخبار عن الرسول
ويخالف ما قاله الزمخشري من أن الله لم يخلق أفعال العباد، ويذهب إلى أن الله سبحانه الذي يخلق أفعال العباد وأنه المضل الهادي
يقول في تفسير قوله تعالى " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على مسعه وقلبه " أي أن الله سبحانه وتعالى خذله عن محجة الطريق وسبيل ا لرشاد عرف في سابق علمه على علم منه بأنه لايهتدي ولو جائته كل آية.
وفي المقابل "والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " وهو يهدي من يشاء من خلقه فيوفقه لإصابة الطريق المستقيم وهو الإسلام سبق وأن عرضنا لمنهج الزمخشري في تأويله للآيات تأويلا يوافق مذهب الاعتزالي وأصولهم الخمسة ولا داعي لتكرار ما قلناه، ولكن لا بد أن نشير إلى أن الزمخشري يختلف اختلافا كليا في تناوله للمسائل الكلامية عن ابن جرير فالاثنان على النقيض تماما، فالزمخشري يأول آيات الصفات كما تناولنا ذلك والثاني يقر بها كما أقر بها السلف من غير تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل، والزمخشري يرى أن الله لم يخلق أفعال العباد وابن جرير يذهب لعكس ذلك.
والزمخشري لا يقر بهداية الدلالة من الله ولا أن الله يضل من يشاء ويستشهد بقوله تعالى " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين " فهو لم يضطرهم إلى الاتفاق على دين الحق ولكنه مكنهم من الاختيار فاختار بعضهم الحق واختار بعضهم الضلال (انظر رأي ابن جرير في نفس المسألة ليتضح لك الصواب.
الطبري ومسائل اللغة الزمخشري ومسائل اللغة
نلحظ مقدرته اللغوية من خلال تفسيره "كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم " والحسرات جمع حسرة وكذلك كل اسم كان واحده على فعله مفتوح اأول ساكن الثاني فإن جمعه على وزن فعلات مثل شهوة شهوات فأما إذا كان نعتا فإنك تدع ثانيه ساكنا مثل ضخمة ضخمات وربما سكن الثاني في الأسماء كلها.
ويفهم النص القرآن في ضوء الدلالات اللغوية التي كانت في عصر النبوة على ما كان معروفا عند العرب ففي قوله " الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " وقيل ذلك من الكلام الذي تخرجه العرب مخرج الأمر أو النهي للمخاطب به والمراد به غيره
¥