الجواب: الحمد لله القيام للمصحف وتقبيله لا نعلم فيه شيئا مأثورا عن السلف وقد سئل الإمام أحمد عن تقبيل المصحف , فقال: ما سمعت فيه شيئا , ولكن روي عن عكرمة بن أبي جهل أنه كان يفتح المصحف , ويضع وجهه عليه ويقول كلام ربي كلام ربي , ولكن السلف , وإن لم يكن من عادتهم القيام له , فلم يكن من عادتهم قيام بعضهم لبعض , اللهم إلا لمثل القادم من غيبة ونحو ذلك , ولهذا قال أنس: لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهته لذلك , والأفضل للناس أن يتبعوا طريق السلف في كل شيء , فلا يقومون إلا حيث كانوا يقومون. فأما إذا اعتاد الناس قيام بعضهم لبعض , فقد يقال: لو تركوا القيام للمصحف مع هذه العادة لم يكونوا محسنين في ذلك ولا محمودين , بل هم إلى الذم أقرب , حيث يقوم بعضهم لبعض , ولا يقومون للمصحف الذي هو أحق بالقيام , حيث يجب من احترامه وتعظيمه ما لا يجب لغيره , حتى ينهى أن يمس القرآن إلا طاهر , والناس يمس بعضهم بعضا مع الحدث , لا سيما في ذلك من تعظيم حرمات الله وشعائره ما ليس في غير ذلك. وقد ذكر من ذكر من الفقهاء الكبار قيام الناس للمصحف ذكر مقرر له , غير منكر له.- ثم انتقل إلى المسائل الأخرى – الفتاوى الكبرى 1/ 49.
وفي الآداب الشرعية 2/ 283 " ويجوز تقبيل المصحف , قدمه في الرعاية وغيرها. وعنه يستحب لأن عكرمة بن أبي جهل كان يفعل ذلك رواه جماعة منهم الدارمي وأبو بكر عبد العزيز , وعنه: التوقف فيه ".
وقال النووي في (التبيان في آداب حملة القرآن) ص98:
" ويستحب أن يقوم للمصحف إذا قدم به عليه لأن القيام مستحب للفضلاء من العلماء والأخيار فالمصحف أولى وقد قررت دلائل استحباب القيام في الجزء الذي جمعته فيه وروينا في مسند الدارمي بإسناد صحيح عن ابن أبي مليكة أن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه كان يضع المصحف على وجهه ويقول كتاب ربي كتاب ربي ".
وفي حاشية البجيرمي – في فقه الشافعية 1/ 173 – " استدل السبكي على جواز تقبيل المصحف: بالقياس على تقبيل الحجر الأسود ويد العالم والصالح والوالد ; إذ من المعلوم أنه أفضل منهم ".
وفي الدر المختار 6/ 384 " روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يأخذ المصحف كل غداة ويقبله ويقول: عهد ربي ومنشور ربي عز وجل، وكان عثمان رضي الله عنه يقبل المصحف ويمسحه على وجهه ".
وجواز التقبيل هو مذهب الحنفية والحنابلة.
والله أعلم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Sep 2003, 12:11 ص]ـ
بسم الله
رأيت كلاماً جيداً له صلة بهذه المسألة في كتاب: المقدمات الأساسية في علوم القرآن لعبدالله الجديع
وهذه مقتطفات منه:
تكريم المصحف:
كل فعل لم تنه عنه الشريعة، مما يقصد به تكريم المصحف وتعظيمه، فهو حسن مقبول؛ لأن ما كان من الأفعال مباحاً في الأصل إذا استعمل للتوصل به إلى مشروع فهو مشروع بهذا الاعتبار، ما لم يعتقد صاحبه أنه سنة لذاته، أو مطلوب لذاته، خشية أن يضيف إلى الديم ما ليس منه.
ومن هذا ما يتصل بالأفعال بتعظيم المصحف؛ فإن ذلك من الإيمان ... والله تعالى يقول: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}، وهذا عام في كل ما أشعر الله به عباده وأعلمهم، كل ذلك تعظيمه من التقوى.
ثم قال وهذا باب مرجعنا فيه إلى عمومات النصوص، ولا يطلب له النص الخاص من الهدي النبوي؛ لأن المصاحف لم تكن وجدت يومئذ، وإذا صح ذلك كان مقتضى العموم إباحة كل فعل يحصل به التعظيم، غير أن من الناس من قد يصير إلى التكلف فيه، ولذا وجب أن يضبط بضابط، وأحسن ما نراه ضابطاً لذلك هو:
أن يكون الفعل الذي قصد به تعظيم المصحف مما أثر عن سلف الأمة من الصحابة والتابعين ....
ثم ذكر أن من صور التعظيم التي وجدنا لها أصلاً في النصوص أو فعل السلف: تقبل المصحف، ثم ذكر الأثر الوارد عن عكرمة وأنه كان يأخذ المصحف ويضعه على وجهه ويبكي، ويقول: كلام ربي، كلام ربي. وذكر أنه أثر صحيح. وعلق عليه بقوله: في هذا الأثر من الدلالة: أن ما يكون من تقبيل المصحف أو ما في معناه، فهو سائغ حسن، وليس بسنة.
انظر المرجع المشار إليه أعلاه ص562 - 565
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[01 Oct 2003, 12:31 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ...
أثلجتم الصدر .. وأرويتم الغليل
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[16 Sep 2005, 02:51 م]ـ
إذاً, وبناء على كلام فضيلة الشيخ الجديع: فلنقبل أبنية وجدران المساجد, ولنقبل كتب الحديث النبوي, ولنقبل جدران الكعبة. ولنقبل مقام إبراهيم .... ولنقبل ولنقيبل ولنقبل ... ولن ينتهي التقبيل .. لأن كل ذلك من شعائر الله .. فإن ذلك من الإيمان ... والله تعالى يقول: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}، وهذا عام في كل ما أشعر الله به عباده وأعلمهم، كل ذلك تعظيمه من التقوى ... !!!
فليُتأمل هذا ... !! والله الهادي إلى سواء السبيل.
¥