تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[28 Mar 2004, 02:39 م]ـ

المفردة القرآنية (5) المصطلح القرآني

قد يكون اللفظ القرآني له وجه واحدٌ في الاستعمال العربي، ولا يرد في الشرع زيادة على هذا المعنى، كما هو الحال في المصطلح الشرعي، بل ترى أن اللفظ باقٍ على استعماله العربي، وهذا كثيرٌ جدًا في القرآن الكريم، ومن أمثلة ذلك لفظ (مَزَجَ)، فقد ورد في القرآن في مواضع، وهي:

قوله تعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً) (الانسان:5)، وقوله تعالى: (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً) (الانسان:17)، وقوله تعالى: (وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ) (المطففين:27).

ولفظة (مزج) لا تخرج عن معناها الذي يدلُّ على خلط الشيء بغيره، وهذا لا يدخل في المصطلح القرآني؛ لأنَّ المراد بالمصطلح القرآني أن يكون له تخيُّرٌ دلالي للفظة تتعدَّد فيها الدلالة اللغوية، أو أن يكون للفظة مدلول واسع فيستخدمها القرآن في مدلول خاصٍّ بعينه دون ما سواه.

وإذا كان استعمال اللفظة القرآنية على وجه واحد، ولها في اللغة معنى واسع أو أن لها أكثر من مدلول، فإنه يمكن إطلاق (المصطلح القرآني) أو (عادة القرآن)، أو (طريقة القرآن) على استعمال هذه اللفظة.

ومن هنا يمكن أن يقسم الموضوع إلى قسمين:

القسم الأول: أن يكون للفظة في اللغة مدلول واسع، فيخصُّ القرآن من هذا المدلول استعمالاً خاصًّا لهذه اللفظة، كلفظ (وصف) فهو لفظ يشمل كل موصوف، وإنما يدرك كون المادة في الصدق أو الكذب من السياق، فلا يُخصُّ إلا به.

ومن أمثلة ذلك مادة (وصف)، فمدلول لفظة (وصف) تعمُّ مطلق الوصف للأشياء سواءً أكان الوصف كاذبًا، أم كان الوصف صادقًا، وإذا نظرت في موارد هذه اللفظة في القرآن، فإنك تجدتها تجيء فيما يكون من باب الكذب، وليس لمطلق الوصف أو لصادقه.

قال تعالى: (وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) (يوسف:18).

وقال تعالى: (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) (النحل:62)

وقال تعالى: (وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (الأنعام:139).

وتنظر الآيات الآتية (الأنعام: 100 / يوسف: 77 / النحل: 116 / الأنبياء: 18، 22، 112 / المؤمنون: 19، 96 / الصافات: 159، 180 / الزخرف: 82).

قال شيخ الإسلام (( ... فان الصفة عندهم قائمة بالموصوف ليست مجرد قول الواصف إن قاله من يقول: إن الصفة هي الوصف، وهى مجرد قول الواصف، فالواصف إن لم يكن قوله مطابقا كان كاذبا، ولهذا إنما يجيء الوصف في القرآن مستعملا في الكذب بأنه وصف يقوم بالواصف من غير أن يقوم بالموصوف شيء كقوله سبحانه: (سيجزيهم وصفهم) (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب) (ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى) (سبحان ربك رب العزة عما يصفون).

وقد جاء مستعملا في الصدق فيما أخرجاه في الصحيحين عن عائشة: أن رجلا كان يُكثِر قراءة (قل هو الله أحد)، فقال النبي: سلوه لم يفعل ذلك؟

فقال: لأنها صفة الرحمن، فأنا أحبُّها.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه ... )).مجموع الفتاوى ج: 6 ص: 118 ـ 319.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير