- أما شيخ الطبري، وهو "موسى بن هارون الهمداني": فما وجدت له ترجمة، ولا ذكرًا في شيء مما بين يدي من المراجع، إلا ما يرويه عنه الطبري أيضًا في تاريخه، وهو أكثر من خمسين موضعًا في الجزئين الأول والثاني منه. وما بنا حاجة إلى ترجمته من جهة الجرح والتعديل، فإن هذا التفسير الذي يرويه عن عمرو بن حماد، معروف عند أهل العلم بالحديث. وما هو إلا رواية كتاب، لا رواية حديث بعينه.
- "وعمرو بن حماد": هو عمرو بن حماد بن طلحة القناد، وقد ينسب إلى جده، فيقال عمرو بن طلحة، وهو ثقة، روى عنه مسلم في صحيحه، وترجمه ابن سعد في الطبقات 6: 285، وقال: "وكان ثقة إن شاء الله" مات سنة 222. وترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/ 1 / 228، وروى عن أبيه ويحيى بن معين أنهما قالا فيه: "صدوق".
- أسباط بن نصر الهمداني: مختلف فيه، وضعفه أحمد، وذكره ابن حبان في الثقات: 410، و ترجمه البخاري في الكبير 1/ 2 / 53 فلم يذكر فيه جرحًا، وترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 1/ 1 / 332، وروى عن يحيى بن معين قال: "أسباط بن نصر ثقة". وقد رجحنا توثيقه في شرح المسند، في الحديث 1286) أهـ.
- أبو مالك: هو الغفاري، واسمه غزوان. وهو تابعي كوفي ثقة. ترجمه البخاري في الكبير 4/ 1 / 108، وابن سعد في الطبقات 6: 206، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/ 2 / 55، وروى توثيقه يحيى بن معين.
- أبو صالح: هو مولى أم هانئ بنت أبي طالب، واسمه باذام، ويقال باذان. وهو تابعي ثقة، رجحنا توثيقه في شرح المسند 2030، وترجمه البخاري في الكبير 1/ 2 / 144، وروى عن محمد بن بشار، قال: "ترك ابن مهدي حديث أبي صالح". وكذلك روى ابن أبي حاتم في ترجمته في الجرح والتعديل 1/ 1 / 431 - 432 عن أحمد بن حنبل عن ابن مهدي. ولكنه أيضًا عن يحيى بن سعيد القطان، قال: " لم أرَ أحدًا من أصحابنا ترك أبا صالح مولى أم هانئ، وما سمعت أحدًا من الناس يقول فيه شيئًا، ولم يتركه شعبة ولا زائدة ولا عبد الله بن عثمان". وروى أيضًا عن يحيى بن معين، قال: " أبو صالح مولى أم هانئ ليس به بأس، فإذا روى عنه الكلبي فليس بشيء، وإذا روى عنه غير الكلبي فليس به بأس، لأن الكلبي يحدث به مرة من رأيه، ومرة عن أبي صالح، ومرة عن أبي صالح عن ابن عباس". يعني بهذا أن الطعن فيما يروي عنه هو في رواية الكلبي، كما هو ظاهر).
ثم يواصل الشيخ أحمد شاكر حديثه عن الإسناد فيقول:
(هذا عن القسم الأول من هذا الإسناد. فإنه في حقيقته إسنادان أو ثلاثة. أولهما هذا المتصل بابن عباس.
والقسم الثاني، أو الإسناد الثاني: "وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود". والذي يروي عن مرة الهمداني: هو السدي نفسه.
- ومرة: هو ابن شراحيل الهمداني الكوفي، وهو تابعي ثقة، من كبار التابعين، ليس فيه خلاف بينهم.
- والقسم الثالث، أو الإسناد الثالث: "وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم".
وهذا أيضًا من رواية السدي نفسه عن ناس من الصحابة.
فالسدي يروي هذه التفاسير لآيات من القرآن: عن اثنين من التابعين عن ابن عباس، وعن تابعي واحد عن ابن مسعود، ومن رواية نفسه عن ناس من الصحابة.
وللعلماء الأئمة الأقدمين كلام في هذا التفسير، بهذه الأسانيد، قد يوهم أنه من تأليف من دون السدي من الرواة عنه، إلا أني استيقنت بعدُ، أنه كتاب ألفه السدي.
فمن ذلك قول ابن سعد في ترجمة "عمرو بن حماد القناد" 6: 285: "صاحب تفسير أسباط بن نصر عن السدي". وقال في ترجمة "أسباط بن نصر" 6: 261: "وكان راوية السدي، روى عنه التفسير". وقال قبل ذلك في ترجمة "السدي" 6: 225: "إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، صاحب التفسير". وقال قبل ذلك أيضًا، في ترجمة "أبي مالك الغفاري" 6: 206: "أبو مالك الغفاري صاحب التفسير، وكان قليل الحديث".
¥